تظهر امرأة في عقدها الثالث بلهجتها الامية الساذجة وهي تقدم نصائح في فن التجميل والطبخ للعراقيات ، وما ان تنتهي في ٣ او ٤ ساعات حتى تحقق تلك المراة الانية الساذجة ملايين الاصوات من المعجبين والمشتركين ، حيث وصل عدد المشتركين في قناة هذه المراة رزقها الله من اوسع الابواب الى ٣ ملايين مشترك ، ولنتخيل الان حجم الدمار الثقافي الشامل الذي يعم مجتمعنا ، حيث يتحول اليوتيوبريون من السذج والاميين والتافهين والمنتفعين الى قادة ومصلحين في مجتمعنا ؟
ولنتخيل ايضا ان يتحول الاعلام الى منبر للقاء عارضات ازياء واصحاب دكاكين التجميل وفنانين هابطين للحديث عن طلاق إعلاميات وفنانات ( راقصات ) وزواج التافهين والسطحيين؟
لا اعتقد بتاتا ان ما يحدث هو مجرد صدفة ، بل هو امر مخطط له بعناية ودراية، في ان يغيب قسرا المثقفون والكتاب والمفكرون واصحاب الاثر الاكاديمي والثقافي ، وان يستهزأ ببناة المجتمع واعلام المعرفة ، ليتحول الاهتمام الى حديث المراهقين والمراهقات والصناع الاسوأ للمحتويات الهابطة ، والتي اصبحت انموذجا يحتذى به من قبل المراهقين وصغار السن واصحاب الفقر المعرفي الذين تحولوا الى سطحيين وسذج ومدعي غباء ينتهي يومهم بطبخ وشرب ونكات وتجاوز على التاريخ والقيم المعرفية
المحتوى الهابط عالميا يكاد يختلف من دولة لاخرى ومن مجتمع لاخر ، غير ان الهبوط الفكري والانحطاط الثقافي هو الاخطر لدينا كوننا نصدم بالتوجهات الحديثة والابتكارات المختلطة بالتكنولوجيا والتي لا محيد توجيهها وتقنينها
المحتوى الهابط تحول الى معلم وسيد في مجتمعنا يجيد تعليم ابنائنا السذاجة والتفاهة وقتل الوقت الثمين بل وحتى القتل ولارتكاب الحرائق الاخلاقية بحجة الميل الى تقليد المنتج التكنولوجي والمحدث الغربي وتحت مظلة وتبرير حرية التعبير حرية التعبير مفهوم عظيم وواسع ومختص باصحاب الخطابات العظمى وليس بصناع المحتويات الهابطة والمدمرة والتي من شأنها خلق جيل تافه وهابط غير متزن ثقافيا ولا معرفيا