تتعدد الجرائم ضد البشرية وتتنوع وتتدرج مخاطرها ومنها ما هو مؤثر بشكل مباشر ومنها غير ذلك وتبعاً لذلك تتدرج القواعد القانونية والُعرفية للعقوبات الشخصية والضبطية والمجتمعية والنفسية وفقاً لذلك.

والمعروف عادةً ان هذه الجرائم تقع من قبل الغير مستهدفة اشخاص اخرين بأنفسهم او من خلال التحريض بواسطة اخرين لارتكاب جرائم ضد ضحاياهم سواء بإزهاق ارواحهم او اموالهم وممتلكاتهم وهناك نوع اخر حديث استهدف الكيان البشري من خلال الاستهداف المعنوي والنفسي بواسطة التشهير الاعلامي والنشر الإلكتروني وغيرها من الجرائم المبتكرة بواسطة عقول الشر الساعية خلف ملذاتهم الشيطانية، وجميع هذه الجرائم مرتكبه من اشخاص ضد اخرين وهذا ما متعارف عليه.

ولكن ليس بالضرورة ان تكون تلك الجرائم ضد الاخرين فمنهم من يرتكب الجريمة ضد نفسه، فمجرد التفكير بالشروع بعمل غير قانوني هو ايذاء للنفس الانسانية واجبارها على افعال محرمة او ممنوعة وتعريض نفسه للإيذاء النفسي او الجسدي، كما ان تعنيف النفس من المحرمات دينياً والممنوعة قانوناً والمرفوضة اجتماعياً والتي يكون عقابها آني وفوري.

وقد يكون ايذاء النفس من خلال ازهاقها بـ(الانتحــار) وهذه اتعس واخطر الجرائم البشرية كونها غامضة المضمون وتنتهي خيوطها بوقوع الجريمة كون المنفذ والضحية هو نفس الشخص.

وبما ان هذه الجريمة تزايدت معدلاتها بشكل كبير جداً خارج المألوف ولم تقف عند حد معين لا سيما واصبح من يقدم على الانتحار ان يقتل افراد عائلته ليُردي نفسه قتيلاً؟!

الموضوع يحتاج الى الوقوف عنده ومعرفة اسبابه ومسبباته والعوامل المساعدة او المحفزة وان لا نقف مكتوفي الأيدي، وحتماً فأن الموضوع ليس امنياً وانما اجتماعياً بكل تفاصيله وجوانبه لكونها من الجرائم المجتمعية الناتجة عن مشاكل عائلية ونفسية سواءً داخل الاسرة الواحدة او العائلة او المجتمع القريب والبعيد.

اذاً ماذا نحتاج؟ في الحقيقة فأن الموضوع يتطلب بناء النفس البشرية وفق الضوابط الدينية والقانونية والتربوية الصحيحة بشكل علمي مدروس وفق المتغيرات الاجتماعية الحديثة والمتجددة بشكل متسارع بعيداً عن الكلاسيكية والروتينية وهجر الافكار القديمة لأننا اليوم دخلنا في دوامة التراخي الفكري عند البعض في ظل غياب الرقابة النفسية والابوية والاسرية والتربوية كونها الاساس ليأتي بعدها دور الجهات المعنية والثقافية التي تُعنى بالجانب النفسي ووضع دراسات وبحوث عاجلة لمعالجة هذه الجريمة الخطرة كونها اخطر انواع الجرائم والسبب في ذلك كونه ايذاء النفس وهو ما يخشاه اي انسان يحمل تفكير سوي ومعتدل، ولكن من يعتدي على نفسه فأن ذلك يعني ان هذا الشخص وصل الى اعلى درجات الاحباط النفسي وقمة الاقتناع في ايذاء نفسه اي انه اصبح ذات ارادة قوية وصلابة وعزم على ذلك اي انه مقتنع تماماً وبدون تردد.

لذا اصبح من الضروري جداً تفعيل المعالجة النفسية والمجتمعية وصولاً الى خلق مجتمع خالً من الافكار الشاذة لأنقاذ الابرياء من شر انفسهم.

{ لواء استاذ مساعد دكتور

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *