الان كابرو المولود في عام 1927بمدينة (اتيلانتك ستي) الامريكية، رسام ، منظر ومخرج مسرحي، استاذ جامعي، درس في المدرسة الثانوية للموسيقى والفنون ، درس الرسم في مدرسة (هوفمان) للفنون الجميلة ، حصل على شهادة الماجستير في تاريخ الفنون ، رفض كما رفض غيره من مجموعة الشباب العقلانية في الفن في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية باحثين عن فن جديد فوجدوا في تجربة الرسام الامريكي (جاكسون بولوك) الذي قاد عملية احياء (روح دادا) معتبرا الرسم (اداء طقسي) وبتشجيع من الرسامين والشعراء السريالين تواصل مع بولوك في انتاجه التشكيلي الذي اقترب فيه ان يكون عمل الرسام خلال تنفيذ اللوحة كعمل المهرج او الراقص ، صار بولوك ملهما لكابرو و اخرين في بحثهم عن الجديد وبدأت اولى محاولاتهم عديمة الجدوى عبر خيبات امل متلاحقة لكنهم من خلال الاصرار والتواصل والبحث في المساحات الجديدة انتجوا علامات تبني شكلها ومعناها الخاص، تتشابك وتتداخل بشكل لا متناهي وبأحجام كبيرة، كان انتاجهم مجموعة كليشهات من مجموعة فنون، لم تكن عقيمة المهم فيها انها دمرت اللوحة وقانون الرسم، ازداد اشتغال تلك المجموعة بعد موت بولوك الذي خلف وراءه العديد من المعارك الفكرية بين الرسامين و النقاد وبين الرسامين انفسهم، كان من بين اتباعه كابرو التشكيلي المتأثر اساسا (جون كيج) خلال دراسته للفنون التشكيلية و نظريته الجمالية القائمة على (العفوية والصدفة) كما استفاد من دراسته لفلسفة (جان ديوي/ الفن خبرة ) فاتجه في نهاية الخمسينيات الى الجمع و التداخل في الفن حاملا معه تراث (بولوك) ومحاولا استكشاف مفهوم قريب من (دادا) ساعيا لتجاوز بولوك فكانت اولى محاولاته في انتاج بيئة تمرد فيها على كل المقدسات في الرسم داعيا الى التحرر والثورة على الاطار والمساحات التقليدية وطريقة التنفيذ التي ظلت مهيمنة طوال العصور في انتاج اللوحة فالفضاءات المفتوحة تحل محل السطوح وتحل محل الاصباغ كل الممكنات التي يمكن تجميعها (كرسي، اغذية، صفائح، عجلات، اضوية كهربائية، دخان، ماء، ملابس، اشرطة افلام، كتب ……الخ) ولم يتوقف تمرده على شكل الانتاج في تنفيذ اللوحة بل اشتغل على المغايرة في طريقة الرسم فعمد على التنقيط، التناثر، صب الطلاء على اللوحات المفروشة على الارض التي ترافقها الايماءة و الاشارة المفتوحة المقتربة من الرقص فضلا عن اشتغاله في المحافظة على تحقيق مسافة بين العرض وما يمكن ان يحدث في الشارع او الفناء الخلفي في سعي منه الى صنع الفن في الحياة اليومية فراح ينتقي احداث من الحياة المعيشة أيا كان موضوعها، ربما يكون البعض من تلك المواضيع هزيلا لكنه يجتهد في تحقيق التنظيم وبدقة عالية مؤكدا على خلق علائق عضوية (الفن ،البيئة، الحدث)فكان معه جمع من الصحب ، لم تتوقف عروض كابرو عند هذا الحد بل وجد في موسيقى البوب و الجمع بين الرسم والفنون الاخرى داعما لمشروعه المفتوح فتداخلت في عروضه (الموسيقى، فنون التشكيل، الاصوات البشرية، الحركة، الروائح …الخ) متوصلا الى شكل جديد (مسرح الفن البصري) بعد ان قدم عروضه لجمهور محدود العدد. في العام 1956 قدم اولى تجاربه في استخدام المواد المقتبسة وكانت (رقائق القصدير، الصفائح، التبن) في سلسلة من العروض اسماها (ملصقات كابرو) مبتكرا تراكيب تجريدية يقيمها عند وقوع حادث ما فصارت تلك العروض مرتكزا لتجاربه اللاحقة وصار الحدث او الواقعة هو الجوهر الاساس للتجربة أيا كان ذلك الحدث سيئا او غير سيء ثم اكمل مشروعه بدعوة الجمهور للمشاركة مع المشاركين الفاعلين (الممثلين و الممثلات) في العرض واراد من تلك المشاركة الجماعية لا تقتصر على المشاركة في انتاج الفن بل هي المشاركة في الحياة فالتجميع عند كابرو صار اشمل واعم (الفضاء، الاشخاص، الاشياء، الارتجال، التركيب، الهدم والابتكار و ليس اعادة البناء كون الفن متغير في جوهره) ففي عرض غير مسبوق قدمه في العام 1959 حمل عنوان (من اجل 18 حدث في 6 اجزاء) جمع الممثلون و الجمهور عبر سلسلة من الاجراءات توزعت مفاصلها على ثلاث غرف تم تحديدها بعوازل بلاستيكية شبه شفافة واجبر الجمهور على اتباع دليل المشاهدة اذ اعطى لكل واحد منهم مظروفا يحمل تعليمات (المداخل، الافعال، المغادرة، وقت الاقامة، متى يجب ان يكون هادئا، متى يتحدث وغيرها) كان كابرو صارما في دقة الحركة و تنظيم مكونات العرض (حركة الجثث، وميض الضوء، اصدار الضوضاء، سقوط الشرائح و الافلام و كذلك اداء الممثل).في عرض اخر قدمه في العام 1961 طرح على المشاركين ان يتعاملوا مع كوم من اطارات السيارات التي ملات المكان و القيام بتحريكها او نقلها من خلال اللعب وانشاء الاشكال و التكوينات التي تحاكي الحدث وقد استمر ذلك العرض لمدة شهر كان الانتاج يتغير في كل عرض فالعرض المقدم لا يشبه العرض السابق كما لا يشبه العرض اللاحق وفي تلك الدعوة التفاعلية اراد من المتلقي ان يتحرر من خلال تحريك اجزاء الجسد و اشتغال جميع الحواس التي تجاوزت العزلة المفروضة على المتلقي المحددة بما هو (عقلي) او (عاطفي).