مرّ‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬عشرين‭ ‬سنة،‭ ‬بمراحل‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬الإداري‭ ‬الفظيع‭ ‬في‭ ‬هيكل‭ ‬الدولة،‭ ‬وصل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬بالبلاد‭ ‬الى‭ ‬حافة‭ ‬الدولة‭ ‬الفاشلة‭ ‬فعلياً،‭ ‬لولا‭ ‬المساندة‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وما‭ ‬بعدها،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬إنّ‭ ‬حال‭ ‬العراق‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليكون،‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬متدهوراً‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يحكمه‭ ‬بول‭ ‬بريمر‭ ‬وجنرالات‭ ‬البنتاغون‭ ‬ومساندوه‭ ‬المحليون‭ ‬من‭ ‬منقطعي‭ ‬الجذور‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬الملايين‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬افرازات‭ ‬مراحل‭ ‬الانفلات‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬الإحساس‭ ‬بمسؤولية‭ ‬الوثيقة‭ ‬العراقية‭ ‬المفترض‭ ‬انها‭ ‬على‭ ‬تماس‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الدولية‭. ‬وأبرز‭ ‬تلك‭ ‬الوثائق‭ ‬المستخف‭ ‬بها‭ ‬حدّ‭ ‬المسخرة‭ ‬هو‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬الذي‭ ‬تقول‭ ‬لجنة‭ ‬النزاهة‭ ‬النيابية‭ ‬انها‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬إصدار‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬جواز‭ ‬دبلوماسي‭ ‬بينها‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬جواز‭ ‬لأشخاص‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬السلك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬ولا‭ ‬موظفين‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭. ‬وقالت‭ ‬عضو‭ ‬اللجنة‭ ‬سروة‭ ‬عبد‭ ‬الواحد‭ ‬إنها‭ ‬رفعت‭ ‬دعوى‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬الكرخ‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭.‬

‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نخرجها‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬الاستعراضات‭ ‬النيابية‭ ‬والتصريحات‭ ‬السياسية‭ ‬والدعاوى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تسقيط‭ ‬حزبي‭ ‬مناوىء‭ ‬الى‭ ‬وقفة‭ ‬مسؤولة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬عبر‭ ‬تحقيق‭ ‬احصائي‭ ‬دقيق،‭ ‬يكون‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬امام‭ ‬دور‭ ‬حاسم‭ ‬واساسي‭ ‬في‭ ‬حصر‭ ‬الجوازات‭ ‬الممنوحة‭ ‬لأسباب‭ ‬تتصل‭ ‬بالفساد‭ ‬السياسي‭ ‬المسمى‭ ‬التوافق‭ ‬والتساهل‭ ‬احياناً،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬جرد‭ ‬الجوازات‭ ‬للموظفين‭ ‬والدبلوماسيين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬وبحاجة‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬ترتيب‭ ‬أدائهم‭ ‬الوظيفي،‭ ‬وليست‭ ‬امتيازَ‭ ‬ترف‭ ‬ووجاهة‭ ‬وتسهيل‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬تتصل‭ ‬بالدولة‭ ‬وشؤونها‭.‬

المفروض‭ ‬هو‭ ‬انّ‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬من‭ ‬مناصبهم،‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يعودوا‭ ‬الى‭ ‬وضع‭ ‬المواطن‭ ‬العادي،‭ ‬ويحملوا‭ ‬جوازات‭ ‬سفر‭ ‬عادية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬مناصب‭ ‬سيادية‭ ‬سابقة‭. ‬فالدولة‭ ‬ليست‭ ‬استملاكاً‭ ‬شخصياً‭ ‬أو‭ ‬سياسياً‭ ‬أبدياً‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬جهة‭. ‬

المسألة‭ ‬هنا‭ ‬قد‭ ‬تفتح‭ ‬بابها‭ ‬قضية‭ ‬الجوازات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العشوائية،‭ ‬وهي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬حتماً،‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬كيف‭ ‬جرى‭ ‬استغلال‭ ‬تلك‭ ‬الجوازات‭ ‬التي‭ ‬يجملها‭ ‬غير‭ ‬مستحقيها،‭ ‬وماذا‭ ‬صنعوا‭ ‬بامتيازاتها،‭ ‬وكيف‭ ‬ستكون‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬البلد،‭ ‬اذا‭ ‬جرى‭ ‬اكتشاف‭ ‬خروقات‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تجري‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬تلك‭ ‬الجوازات؟

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *