لم تخلُ امة من امم الارض من تفشي ظواهر العنف والتوحش البشري كونه سمة متلازمة في بنية العقل البشري، والتي تعتمد السجال بين الاحالة الى الخراب كصورة مناقضة للواقع الايجابي، العسير البناء، قبالة التدمير كحل يسير، والذي يمثل هنا ردة فعل لاعادة الاعتبار والتقييم الانساني للذات القلقة ، فكل هدم يسبقه شعور بالارتباك ورغبة في التغيير ، وكل عنف منبعه الرغبة في الثورة على القائم ، او اعادة التاسيس لحلم يلح على التاسيس ، وتبدو جذور العنف في واقعنا العربي وليدة تاريخ امتزج فيه الديني بالقومي، واللاهوتي بالارضي ، حتى غدت نزعات التطرف الديني والقومي تغذي رجالات السياسة والعسكر، بل وتتعدى ذلك الى تغذية النسغ المجتمعي لتؤطر مشاعر الكراهية مجمل التغيرات التي تطال واقعنا العربي حصرا حتى غدت هذه المتلازمة صفة لسياق ثابت وراسخ لدى الغرب في نظرتهم وتقييمهم لواقعنا، في حين نجحت بقية امم الارض ممن استقروا وعثروا على خلاصهم الابدي في صور شتى من المعرفة والفنون وبقية النشاطات الانسانية
وتحاول الاجيال المحدثة اعادة كتابة مسببات العنف عبر استعادة الفروقات الدينية والمذهبية والقبلية، وقد تحولت هذه الممارسات البدائية الى وسيلة استرزاق انتخابية وحكومية ، قال احد الشيوخ وهو يروج لحلوى مستهلكة في تاريخ انتاجها انها قد اعدت في السماء على ايد ملائكة كرام ، ويقوم الحزب المنافس في اليوم التالي بوضع اسمه على دعاية الحلوى
وتفطن الجماهير الى حركة النبلاء من ارباب التفكير القومي والديني من غير العرب كرضا رشيد ومحمد عبده الكرديين واحمد شوقي والزهاوي وعباس محمود العقاد وجمال الدين الافغاني وغيرهم ممن خدموا المنطقة العربية بدافع التفكير وليس القرنية او المذهب
التمظهر المذهبي في قصة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي اعد وليمة من السمك وقال لضيوفه ممازحا : ان اخوال اولاده ، كونهم من الشيعة، لا ياكلون هذا النوع من السمك ، توحي بسذاجة الواقع العربي ، حين اقدم صدام على طمس معالم العروبية لدى شيوخ الخليج ، ساعة مواجهتهم عسكريا،