لم تعد اجتماعات قمة شنغهاي العسكرية ، عملية براتكولية ولاهي اثبات وجود مقابل الحلف العسكري الأمريكي الأوروبي ، وإنما في حقيقتها قوة عسكرية اقتصادية كبرى في هذا العالم المتصارع على السيطرة والنفوذ واستلاب حقوق الشعوب تحت مسميات تصدير الديمقراطيات ، وقد خرجت القمة في أهم توصياتها الدفاع عن السلم العالمي والتمسك بالشروط الأممية التي ترعاها الأمم المتحدة وبالاستقلالية للأوطان وحرية اختيارها لطريقة عملها وسياساتها وبالتعددية القطبية في هذه الكونية التي عانت كثيرا من سياسات الانفلات والسيطرة والحروب ، وكانت منطقتنا العربية والشرق أوسطية واحدة من تلك المناطق المستهدفة في القرن الماضي وبدايات هذا القرن إضافة لدول أمريكا اللاتينية والاسيوية والافريقية.من المعروف إن هذه الدول المجتمعة ، ومن المقرر ان يلتحق بتحالفات شنغهاي الاقتصادية العديد من الدول الأخرى بينها المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية وجمهورية مصر العربية ، وبذلك يصبح هذا التكتل الاقتصادي العالمي الذي اقر التعامل بالعملات المحلية بين اعضاءه خارج سيطرة الدولار وتهديداته للشعوب والأنظمة من ابرز الكيانات الدولية الذي يؤشر بلا منازع الى التعددية القطبية ومعالجة القضايا المختلف عليها بروح سلمية وديناميكية سياسية عالية الأداء في عالم يجب ان يسوده السلام والعلاقات الاقتصادية المبنية على المنفعة دون سياسات الاجبار والكراهية وفرض الاجندات والحصار ضد الدول الممانعة لتلك السياسات القهرية .شاء العالم الغربي أم أبا فأن الحرب الروسية الاكرونية قد افرزت القطبية المتعددة ، بالإضافة للحضور العالمي الاقتصادي والعسكري الصيني الذي بات قطبا عالميا مؤثرا في الخارطة العالمية تشارك معهما الدولة الهندية المؤثرة جدا في الصعود التقني والتكنلوجي والسكاني العالمي ، وبذلك تصبح التعددية القطبية حالة قائمة وان لم يتم الإعلان عنها .كل المؤشرات تؤكد بان الولايات المتحدة الامريكية لم تكن هي الدولة القطبية الوحيدة مثلما كان الامر قبل عشر وعشرين سنه ، وان حضورها بفعل سياساتها الأحادية الجانب قد تراجع على مختلف الصعد ، وهذا الأمر لا يعني بأن الغرب وامريكا قد وصلت الى مرحلة من الانكماش ، فهي الدول المتطورة والمبدعة في مختلف المجالات الصناعية والتكنولوجية والعسكرية ، لكنها لم تعد الدول الوحيدة في هذا العالم مثلما كان في نهايات القرن الماضي وبدايات هذا القرن ، فهناك من ينافسها ويسبقها في العديد من القضايا الاقتصادية والصناعات العسكرية الأخرى وفي مقدمة تلك الدول الصين الشعبية وروسيا الاتحادية والهند القادمة بقوة .وما تخشاه شعوب الأرض ان تتحول تلك التناقضات وعمليات الصعود نحو القطبية المتعددة ، هو ذهاب البعض نحو الحرب الكونية كوسيلة للمواجهة وإعادة الاعتبار لجسم بات منهكاً بفعل التدخلات والاختلاف في المواقف ، وان الخشية اكبر من الحشود العسكرية والنووية بين الدولتين الكوريتين ، وكذلك التدخل الأمريكي في تايوان التي هي جزء من الصين تحت يافطة عدة دول في دولة واحدة هي الصين ، بالإضافة الى مشاركة ( 28) دولة غربية في الحرب مع أوكرانيا ضد الاتحاد الروسي الذي يطالب بالامن القومي لروسيا وبناء علاقات سلمية مع كييف بعيدا عن سحبها للتكتلات الأطلسية وجعلها خنجراً في الخاصرة الروسية .أن المنطقة العربية بحاجة اكثر الى الاستقلالية والحياد وتبني مصالحها الوطنية والقومية وما تفعله المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ومصر العروبة يؤكد بان طريقهما يمثل الوسيلة الأفضل ليكونا قوة صاعدة رافضة للأملاءات وقادرة على معالجة قضاياه بروح وطنية وقومية وكانت مقدمة ذلك ما تحقق في اليمن وسوف ينسحب الى فلسطين قضية العرب المركزية . العالم الان بانتظار التعددية القطبية وسيحصل هذا على وفق مجمل المتغيرات والتحولات العالمية ، وسينعكس حتما على مجلس الامن لكي تكون الهند طرفا فيه ومنظومة الدول الافريقية .