نريد ان نؤصل في هذا الجزء لتأريخ القصيد النثري هذا الجنس الادبي المختلف عليه و الذي ادخل بلبلة في وسط الشعراء والنقاد والمتلقي وعامة متتبعيه.
نجد اول من كتب في تحديد هذا الشكل من الكتابة واعطى شروطه ومستلزماته هي الناقدة الفرنسية سوزان برنار في مدونها ” قصيدة النثر من بودلير حتى ايامنا” الصادر في باريس في سنة 1959
وقد بيّنت.في كتابها ان قصيد النثر عالم مغلق،مقفل على نفسه وهو في ذات الوقت كتلة مشعة مثقلة بلا نهاية….
وتبعها في ذلك ادونيس مستنيرا باثرها وذلك بنشر مقال بمجلة شعر سنة 1960 يؤكد فيه ماذهبت اليه سوزان برنار من تحديد خاصيات الكتابة الحديثة للنص الشعري ويعتبر ادونيس اول شاعر ينطق باللغة العربية من سمى هذا الاثر : قصيدة النثر واعطاها تسميات اخرى مثل قصيدة الاسئلة، الكتابة الشعرية نثرا، قصيدة التجريب ونجد في خضم هذه التسميات من نادى بتسمية قصيدة الشثر وهذه تسمية حديثة ارادت ان تقرب او تمزج بين ماهو نثري وشعري من اجل بناء نص حديث يتوق الى شعرية الاصل ويتبنى اساس القصيد النثري من حيث الماهية والشكل.
دون ان ننسى انسي الحاج الذي اعتبر قصيدة النثر ليست قطعا مع الشعر الكلاسيكي بقدر ماهي تحرر للشاعر نفسه الشاعر الحر ،النبي ، الاله وقد عمّق رؤيته هذه من اجل الاجابة عن السؤال المحوري
هل يمكن ان نخرج او ان يولد من النثر قصيدة ؟؟؟
ليجيبنا بنعم لقد قدمت الحضارات الانسانية منذ ملحمة جلجامش والواحها الطينية شعرا عظيما في النثر مبرهنا بذلك على عمق تاريخ قصيدة النثر وتجذرها في اعماق انسان ما قبل الميلاد ويؤكد لنا انه لم يكن ذلك صدفة كما هو الحال في معظم النظريات الالسنية في تفسيرها علاقة الاسم بالمسمى
ونجد في الجبهة المقابلة ممن رفضوا رفضا قاطعا قصيدة النثر مثل نازك الملائكة في كتابها ” قضايا الشعر المعاصر” اذْ اعتبرت نصوص محمد الماغوط وغيره ممن توسموا في كتابة القصيد النثري مستقبلا للشعر العربي ليست الا نثرا ولا ترتقي لكي تكون شعرا رافضة بذلك هذا النوع من الكتابة اسما وشكلا ويتبعها في ذلك الناقد العراقي محمد الجزايري وكذلك الشاعر العراقي سامي مهدي
في حين رأى المترجم عبد الواحد لؤلؤة بان قصيدة النثر لها تأصيل وتفصيل في جذور اللغة العربية مستشهدا في ذلك بكتاب ” المواقف والمخاطبات ” للمتصوف عبد الجبار النفري و الحلاج في ” الطوسين ” ليصل بنا من جهته الى ان هذا الكلام يدعوك للنظر فيه والتمعن في تفصيلاته ومحتوياته
من هنا نعلم ان الانسانية تتمازج من حيث مركز الاثر هو الانسان وان ماوقع ليس سوى تضييع لحلقات تسلسل طبيعي في ارخبيل االابداع وتأثيث محور الرقي بالمعنى في سياقاته المختلفة وانماطه المتعددة وما يجوب في خاطر المتلقي باختلاف مشاربه ومستواياته ان ما ذهبت اليه القصيدة النثرية هو تغريب للشعر وتعرية له من هويته من حيث ان الغرب مركز التأثير وهو من ابتلع المورروث الابداعي العربي وعرضه الى الاضمحلال والانحلال والانسلاخ من طبيعته ليس الا ممن لم يلتقطوا جذوة الانسان في اعمق تجلياته وممن لم يستوعبوا بان الانسان يختلف ولكنه لا يتطور بالنسبه لاخيه الانسان الذي سبقه
ويبقى السؤال الكبير المطروح
هل نحن كتبنا القصيد النثري واسسنا له بدائل فنية فعليا؟؟؟
هل نحن اليوم نكتبه بما تقتضيه صفته وشواهده و.مستلزماته؟؟
هذا ما يجب علينا ان نعمل عليه جميعا وان نفتح باب الاختلاف المؤلف لطبيعة جنس القصيدة النثرية وان نؤسس لشعرية النص وماهيته دون السقوط في الاستسهال ودون اقصاء المحاولات التي تجرب وتسأل
وقد لاحظت شخصيا ان هناك العديد من الصفحات الالكترونية منها او المكتوبة التي تعنى بهذا النوع من الكتابة لا تلتزم بوسط القصيدة النثرية التي اساسها التكثيف في عالم مغلق بدون ان تكون له حدودا رغم ان عالمها مقفل على نفسه وفي ذات الوقت كتلة مشعة بلا نهاية من الايحاءات لذلك ارجو من الجميع وخاصة المهتمين. بشأن قصيدة النثر ان يلتزموا بهذا التكوين الحصري والشامل في الان نفسه لهذا النص الذي لا يؤطرنا الا ليرمقنا من بعيد من حيث لا ندري ولا نستشعر مباغتته لنا حتى وان ايقظنا على صوت صهاريجه العاتية

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *