الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬فيه‭ ‬ميزات‭ ‬خارقة،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تطويعها‭ ‬لكشف‭ ‬العقود‭ ‬الوهمية‭ ‬والتدخلات‭ ‬الحزبية‭ ‬والخارجية‭ ‬في‭ ‬استثمارات‭ ‬البلد‭ ‬وموازنات‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬التلاعب‭ ‬السياسي‭ ‬الفاسد‭ ‬بها‭ ‬مكشوفاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الذكاء‭. ‬الفساد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتقدم‭ ‬جميع‭ ‬الأولويات،‭ ‬وما‭ ‬نسمعه‭ ‬عن‭ ‬بيع‭ ‬مسؤولين‭ ‬ضمائرهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الكراسي‭ ‬بسبب‭ ‬خوائهم‭ ‬وضعفهم،‭ ‬ينسف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬مسيرة‭ ‬جديدة‭ ‬للإصلاح‭ ‬وملاحقة‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الضائع‭ ‬بل‭ ‬المنهوب،‭ ‬وكأننا‭ ‬نستعد‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬النسخة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬سرقة‭ ‬القرن‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأولى‭ ‬أصلاً،‭ ‬وربّما‭ ‬يجري‭ ‬تأجيلها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬العمولات‭ ‬والرشى‭ ‬الى‭ ‬جيوب‭ ‬أصحابها‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬،‭ ‬وتصبح‭ ‬السرقات‭ ‬واقع‭ ‬حال‭ ‬لمساومة‭ ‬الدولة‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬

محنة‭ ‬البلاد‭ ‬بين‭ ‬فكي‭ ‬الكائن‭ ‬الخرافي‭ ‬المفترس‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يعرف‭ ‬بالفساد،‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬بتعديل‭ ‬حكومي‭ ‬او‭ ‬انتخابات‭ ‬برلمانية‭ ‬جديدة‭. ‬لقد‭ ‬حصل‭ ‬الفاسدون‭ ‬على‭ ‬ضمانات‭ ‬تطمينية‭ ‬ضمنية‭ ‬في‭ ‬انّ‭ ‬الذي‭ ‬يسرق‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬يعيدها‭ ‬يعفى‭ ‬من‭ ‬العقوبة،‭ ‬وكأنّ‭ ‬الحكاية‭ ‬كلها‭ ‬محصورة‭ ‬بقيمة‭ ‬المبلغ‭ ‬المسروق‭ ‬وليس‭ ‬بالقيم‭ ‬بالنهج‭ ‬وبالأمانة‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬تسليمها‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يحفظها‭ ‬لأنه‭ ‬آمن‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬مقدماً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحيتان‭. ‬ولعل‭ ‬أغرب‭ ‬التعليقات‭ ‬التي‭ ‬وصلتني‭ ‬أمس‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬القراء،‭ ‬وهو‭ ‬محام‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬السويد،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬انّ‭ ‬أرباح‭ ‬المليارات‭ ‬المسروقة

‭ ‬تفوق‭ ‬قيمة‭ ‬المبالغ‭ ‬الاصلية‭ ‬المسروقة‭ ‬طوال‭ ‬عقدين،‭ ‬وانَّ‭ ‬إعادة‭ ‬المال‭ ‬المسروق‭ ‬للنجاة‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬وللخلاص‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬المخلة‭ ‬بالشرف‭ ‬الثابتة‭ ‬في‭ ‬السجل‭ ‬الإنساني‭ ‬والمدني‭ ‬والأخلاقي،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الميسورة‭ ‬التي‭ ‬يفرح‭ ‬بها‭ ‬اللصوص‭ ‬الذين‭ ‬باعوا‭ ‬العراق‭ ‬وثرواته‭ ‬وموازنته‭ ‬وعقوده‭ ‬واستثماراته،‭ ‬كلّما‭ ‬سنحت‭ ‬لهم‭ ‬الفرصة‭.‬

بعد‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬تعيسة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬العراقيين‭ ‬المنهوبين‭ ‬من‭ ‬طبقات‭ ‬سياسية‭ ‬وحواشيها‭ ‬المستقوية‭ ‬بالخارج‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬اسمه‭ ‬وعنوانه،‭ ‬يبدو‭ ‬الأمل‭ ‬ضعيفاً،‭ ‬ومنعدماً‭ ‬في‭ ‬تنظيف‭ ‬الساحة‭ ‬من‭ ‬الفاسدين‭ ‬الكبار‭ ‬ومساعديهم‭ ‬الأكثر‭ ‬ايغالاً‭ ‬بالمال‭ ‬الحرام‭.‬

فساد‭ ‬يتواطىء‭ ‬مع‭ ‬الإرهاب،‭ ‬ويسيران‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الدولة‭ ‬وشرايينها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬غض‭ ‬النظر‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬لمصالح‭ ‬سياسية‭ ‬ومنافع‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬الجيوب،‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬حلولاً‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار‭ ‬لاجتثاث‭ ‬الفساد‭ ‬وأهله،‭ ‬وكأنّ‭ ‬الجميع‭ ‬مُخدَّر‭ ‬بأفيون‭ ‬الضعف‭ ‬أو‭ ‬التدليس‭ ‬أو‭ ‬التورط‭.‬

‭ ‬الشعور‭ ‬باليأس‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬تحت‭ ‬الطاولات‭ ‬وفي‭ ‬غرف‭ ‬المسؤولين‭ ‬وهوامشهم‭ ‬وتابعيهم‭ ‬المظلمة،‭ ‬إنما‭ ‬يمنح‭ ‬الانسان‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬التمسك‭ ‬للأبد‭ ‬بقناعة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬أمل‭

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *