عند مراجعة التاريخ تجد بلادي الشام وما بين النهرين نبض واحد ، وتاريخ مشترك ، وحكايات وقصص تاريخية من نهر يجري على ضفتي البلدين ، حتى في الزمن الراهن ، فأن ما تعرضت له سوريا من اخطر هجمة إرهابية وعدوان دولي لم يعرف مثله التاريخ المعاصر ، كانت الشقيقة بلاد ما بين النهرين قد سبقتها في هذا التعرض الخطير الدموي وقدمت الاف الشهداء والجرحى وسبيت محافظات ومدن ، وكأن قدر البلدين واحد والمهما ووجعهما مشترك ، وانتصارهم مشترك ، لا يفصل بينهما غير تلك الحدود التي صنعت للفرقة بهدف استعماري مازال قائماً منذ اكثر من مائة عام ، عندما فرضت المشروطية العراقية أن يحكم العراق ملكاً عربياً هاشمياً ، وجاء الملك فيصل الأول قادماً من دمشق الشام ومعه مجموعة من القادة العرب سوريين وعراقيين وسعوديين ومن أبناء الجزيرة العربية . إذن القدر الذي يجمعهما واحد ، والعدوان الإرهابي والدولي ضدهما واحد ، ومحاولات التفكيك لخارطتهما الجغرافية وإقامة كيانات انفصالية واحد ، ورغم كل هذا الذي جرى وتحمل الشعبين ما جرى انتصر البلدين .

الأردن الهاشمية والسعودية الملكية ، ومعهما العراق والعرب الطيبون ، ادركوا جميعاً ان بقاء سوريا محاصرة بمنهجية التجويع والالغاء الذي فرضته دولاً اعتادت في سياساتها على هذا السلوك ، أمراً لا يليق بالعرب ولا يخدم مشتركاتهم الأخوية والإنسانية والمنطقية ، فليس من المعقول ابداً امة عربية قادرة لوقف هذه التداعيات الخطيرة لأهم دولة عروبية ولم تفعل ، وليس من المنطق ولا من الاخلاق ولا من ضرورات الانتماء أن تخرج سوريا المؤسسة للجامعة العربية مع العراق والمملكة السعودية من هذه المؤسسة برغبة ووصايا دولاً ليست طرفاً في الانتماء والهوية العربية .اجتماع العاصمة الأردنية ، وما سبقة من اجتماع الرياض بين وزيري خارجية سوريا والسعودية ، والتحرك الفاعل الديناميكي لجزائر المليون ونصف المليون شهيد وكذلك الخطوات والسياسات الفعالة للعراق ولدولة الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة البحرينية ، انتهى بضرورة عودة سوريا لحضنها العربي ومعالجة كل الاسقاطات العربية والدولية والإقليمية التي استهدفتها ، والتأكيد العربي الالزامي على وحدة الأراضي العربية السورية واستقلالها الوطني ورحيل كل الدول التي تواجدت في ارض الشام الى أماكن تواجدها والعمل على مساعدة سوريا في القضاء على الإرهاب وادواته وعودة اللاجئين طوعاً الى ديارهم .

هذه المخرجات العربية التي لعبت الأردن الهاشمية دورا فيها على طريق خطوة خطوة ، تستدعي من جامعة الدول العربية أن تطرح مشروعا لكل الدول العربية مساعدة سوريا اقتصاديا وخاصة الدول المتمكنة ماليا مثل دول الخليج العربي عبر الاستثمارات في مختلف الميادين الاقتصادية والصحية والاسكانية والبنى التحتية وهي قادرة فعلاً على ذلك بما تمتلكه من خبرات وأدوات تنفيذ وسيولة نقدية ضخمة ، فبالتأكيد إن المستثمر العربي الأولى به أن يفيد ويستفيد من حواضره القومية بدلاً من الذهاب لبنوك الدول الأخرى التي غالباً ما تضع ايديها على تلك الأموال والمشاريع عندما تختلف أو تتناقض السياسات . فسوريا نبض العروبة ، وهي التي تقف بشجاعة نادرة وإيمان راسخ أمام الكيان الإسرائيلي ، تحتاج من الدول العربية خطوات فاعلة في عمليات البناء ، سيما بعد الزلزال الذي هدم العديد من المدن وشرد الاف العوائل ، والعرب قادرون على ذلك إذا ما خلصت النوايا وبدأ فعلياً العودة الى سوريا لكي تلتئم جراح سنوات العزلة .وعلى وفق هذه المتغيرات المهمة لابد من قسد والاخوة الاكراد في سوريا إعادة الحسابات ومعالجة اختلاطات الاختلاف أو التناقض والاشتراك الفعلي في سوريا الدولة الجامعة لكل مكوناتها على وفق الاستحقاقات الوطنية والحقوق المدنية لكل المواطنين ، وأنه لابد من الادراك بأن سوريا ليست قابلة للتقسيم ، ولا أحد من الغرباء يمكنهم فرض سياساتهم على سوريا التاريخ والحاضر ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *