يتسائل البعض عن سبب الحفل الباذخ لتتويج الملك تشارلز الثالث ، اذ جرت مراسيم حفل التتويج ، وسط بهرجة تعد الاكبر والاضخم والاكثر هيبةً في تاريخ الملكية البريطانية.
اذ حضره عشرات الالاف من البريطانيين وغيرهم ، كما دعيَّ اليه 2300 شخصية بريطانية وعالمية واستمر لثلاثة ايام .
اكدت المراسيم على نقطتين رئيسيتين هما ، الطقوس الدينية ودور الكنيسة ورجال الدين في منح الشرعية الدينية للملك، ودعمه شعبياً .
فقد وضع تاج القديس ادوارد على رأس الملك وهو عنوان المباركة السماوية المقدسة للملك الجديد، وكذلك مسح بالزيت المقدس على شكل الصليب ، بزيت الزيتون الذي يؤتى من شجرة في فلسطين، ومسك الصولجان ذو الصليب والكرة ، واستمرت الطقوس الدينية لتؤكد على ان الملك هو امتداد لحكم السماء ، وان لا احد يستطيع ان يمسه.
هذه المراسم جائت في وقت عصيب تمر به المملكة المتحدة، وهي بمثابة رد غير مباشر ، فهي مهددة بالتقسيم ، فهناك دعوات من. اسكتلندا بالانفصال وكذلك ايرلندا الشمالية التي يطالب فيها حزب شين فين بالانفصال ، والتي زارها الملك قبل اسابيع من تتويجه ليؤكد تمسكه بوحدة بريطانيا ، بإلاضافة الى الاف المتظاهرين المناهضين للملكية الذين خرجوا في يوم التتويج في شوارع لندن يطالبون برئيس منتخب منقبل الشعب مباشرةً .
في خضم هذه الاجواء اراد المنظمون ان يؤكدوا على عراقة المملكة وقدسيتها الدينية وامتدادها التاريخي ، من خلال استخدام كل الادوات القديمة حتى الكرسي الذي جلس عليه الملك والثوب الذي ارتداها من الذهب الخالص ، رغم رفض الملك له . و وقوف كبير اساقفة كنيسة كانتربري جاستين ويلبي إلى جانب كرسي التتويج الذي يبلغ عمره 700 عام، و هو يلتفت إلى جانبي الكنيسة معلنا أن تشارلز هو “الملك بلا ريب”، ثم يطلب من الحضور أن يعربوا عن إجلالهم وولائهم له.
وقد هتف الحضور: “فليحفظ الله الملك!” عاش الملك عاش الملك ، وتعزف الأبواق بعد كل هتاف.
وكلمة “بلا ريب” تؤكد بشكل قاطع على مباركة دينية وحق مقدس ، ليس لاحد من الناس دخلٌ فيه .
كل هذه الطقوس لم تأتي عبثاً وانما أتت لتناسب الظروف السياسية والاجتماعية التي تمر بها بريطانيا .
من ناحية اخرى لازال الشعب البريطاني يتذكر الاميرة المحبوبة ديانا ، فهناك مشاعر غير ودية للملك تجاه هذه المأساة ، فقد نشر كثير من البريطانيين صورا للاميرة ديانا في مواقع التواصل الاجتماعي ، وكأنهم يريدون القول انهم لم ينسوا بعد ما جرى للاميرة والتي اتهمت العائلة المالكة بتصفيتها، وقتلها.
علاوة ً على ذلك كانت الاميرة “كيت ” زوجة الأمير وليم ولي العهد. ترتدي اقراط الاميرة ديانا واسوارها، وكأنها تذكر البريطانيين بأميرتهم الجميلة ، أو ربما كانت تريد ان ترسل رسالة. الى الملكة الجديدة كاميلا .
لذا يقول بعض المهتمين بالشأن البريطاني ان هذا الاحتفال وبهذه الصورة هو لدعم الملك في الشارع البريطاني ، بعد تدني شعبيته ، فرغم الانتقادات التي وجهت للبذخ والاسراف في الحفل في ظل وضع اقتصادي متردي وغلاء كبير يواجهه البريطانيون ، اقيم الحفل ليعكس وجهاً اخر للمملكة المتحدة ، وقد كان مقصودا ، فرغم استلام الملك تشارلز مقاليد المملكة بعد موت الملكة اليزابيث، الا ان مراسم التتويج كانت لاغراض اخرى.