( لو كنت اعلم ان موتي سيعيدني جنبك لفعلت ) .. سارتر
ها قد مر عام كامل دون رؤياك .. لقد شح عليَّ صوتك واسمك ورسمك ومناداتك وابتساماتك ومختلف شؤون اشكالاتك ..
بعد احدى وثلاثون عام فتحت عيني على كلمة ( بابا ) التي علمتني الحب والايثار وتحمل المسؤولية .. افتقدها بكل معنى الكلمة التي لا تعادلها بالكون مفردة أخرى ..
بعد ذلك الزخ الماطر غير المصطنع ولا المققن ولا الممصلح .. آراني افتقدك .. سنوات وايام وليال وساعات … لم اغمض عيني لحظة وانت بعيد عني … فكيف يهدا بالي ويستقر قلبي وينشف دمعي ويكتم لساني تعابيره وانت مغيب قسرا عن كياني ..
يا من اخذته المنون .. يا من علمني رحيله جوهر الحب والفزع الأكبر .. يا من كشرت الدنيا انيابها : عن منافق وحاقد ومتشفي وشامت … لم يستطع الاستتار خلف كل العناوين برغم هول الصدمة التي عشتها معك واعانيها بعدك ..
علمني مصابك : انك العشق الأكبر والأكثر ثبات بمعزل عن تغيرات الحياة وجبرها اللامتناهي .. كل ما سواك خدش فال ..
علمتني الوقائع ان البلاء الواقع لا يحمله الا اهله .. ودائرة التعبير البكائي كاحد اهم مظاهر الحقيقة والتعابير الدقيقة ينحسر بدائرة ضيقة جدا جدا .. في حدود امك وابيك وبقية اسلاف كانت تعتريك .. فما افجع معاناة الحزن الاغترابي ( يا ولدي ) .. ما اقسى صراخي عليك دون شواهد ومساند واحتضان ومتنان … اتجشم عناء رحلة العذاب وحيدا .. لم اعد اسمع انينا بعدك ، الا من امك وخوتك .. كحق طبيعي يتسق مع شؤون وشجون الحياة ( يا ولدي ) .. فانت فلذت كبدنا المثلوم وجرحنا الموغل المعتق بالاعماق .. والناس لا ترى الا جسد يتحرك دون آلام اعتصار وعصف لا يقاوم .
مرت أيام عسيرة من عام كله دموع ونوح محموم ومحتوم .. ما زلت على قناعة .. انك ستنهض من قبرك وتردي علي يوم ما .. بكلمة او همسة او خيال او طيف يخفف غلواء معاناتي ..
بعد سنة من فجع .. لم اكن املك أي تصور عنه ولم اغير من قدره شيء برغم محاولاتي وتسولاتي وتوسلاتي ودعواي ونجواي وخوفي والرعب الذي كنت اعيشه لاجل انقاذك .. هنذا اقف مرة أخرى على اعتاب بقاياك .. لا اعلم ان كنت تسمعني او تراني او تحس بي … وعشرات الأسئلة المحيرة كحال الف الف غصة وغصة غائرة وحائرة في لحظاتي بعدك .
اشكو الى الله فراقك واعيش اسوء لحظات عمري … التي لم يعد فيها ما يستحق الحياء والاحياء .. سوى أيام تعدى والفتى حيثما كان اسير للقدر .. وقد سلمتها لله وآمل ان يرتضيها منك ومني ويرضانا منه واليه ..
كل جزء بعدك خاضب .. وكل لحظ انت فيه الم .. وكل التصاوير المزدحمة في بالي لم تنازعك سلطانك .. يا عرش توجت فيه منذ حباني الله اياك .. يا سر جمالات حياتي .. هنذا اعترف بين يديك : ( ان الظلام خيم وغشاني بعد نور عينيك حتى غدى مكلكل متغلغل باعماق وجودي الذي لو لا الله جل وعلا .. لفضلت فيه ارتمائي جنب ثراك ..
( يا ثروة الثراء .. اعلن افلاس عالمي بعدها ) ..