لصالح من يتم خنق واذلال فئة حساسة في المجتمع تقوم بدور مهم وجوهري في إعداد وتربية الأجيال القادمة؟ وهل نعطي بهذه الطريقة المثال لأبنائنا في كيفية التعامل مع المعلم، وهو يسمع دائما تلك العبارات الرنّانة التي تقول “قم للمعلم وفّه التّبجيلا… كاد المعلم أن يكون رسولا”.للاسف الشديد يوما بعد اخر تستفحل الهجمة الشرسة الممنهجة وذات الابعاد الخبيثة وباساليب مختلفة ووجوه وقحة على ادارات المدارس والاعتداء على الهيئات التعليمية بالضرب بالعصي والاسلحة الجارحة او بالاطلاقات النارية وتتلون بحسب الظروف والمعطيات بسبب عدم حماية هذه الشريحة التربوية المهمة في حياة الناس من قبل الحكومات المتعاقبة. الهجوم الممنهج علىيهم لم يتوقف يوماً، فهو الحقد الأسود الدفين الذي يتعاطاه أصحاب الأجندات السوداء، والفاشلين دراسيا والمتسكعين في الشوارع والطرقات، والنيل من المعلمين والمربين والانتقاص من دورهم ومكانتهم. للاسف الشديد افتقدنا الرؤية الشاملة ونسينا بان الرقي يكون بروح الانسان وعقله وجسمه وخلت اعمالنا من الاخلاص وابتعدنا عن القيم الانسانية والخلق الكريم ولم نعد نملك القدرة على التمييز والاختيار والا كيف لولي امر طالب ومعه شلة من المتهورين متعطشه للدم ان تعتدي على هيئة تدريسية داخل بناية المدرسة واتناء الدوام الرسمي؟ هذه الممارسات الخاطئة تعيدنا لنتذوق كيف كنا نحترم ونهاب ونجل المعلم بروح ملؤها المودة والصدق والمحبة والحياء.
سياسات جديدة
عيب والف عيب أن يتلقى حارس في مؤسسة حكومية لايحمل شهادة الابتدائية راتبا أعلى من راتب معلم او مدرس يحمل شهادة بكالوريوس وأحيانا ماجستير ، وما يقال هنا وهناك من قرارات وسياسات جديدة لتحقيق الرفاه الاقتصادي في البلاد لن يكون لها أثر إذا بقي المعلم على حاله. ولا توجد دولة في العالم حقّقت الازدهار الاقتصادي دون أن تعطي الأولوية للتّعليم بدءًا من التكفل بالجانب المادي للمعلم والأستاذ، إلى توفير كل الإمكانيات اللازمة لنجاح العملية التربوية والتعليمية، من خلال حماية هذه الشريحة وتوفير السكن اللائق وتوفير الضمان الصحي لهم ولعوائلهم وحماياتهم من الاعتدائات. وهذا ما لم يحدث ولا شيء في الأفق يشير إلى أن في طريقه إلى التغيير في العراق. الحكومات ظلمت المعلم وتغولت على حقوقه ومكتسباته ومكرماته ,فلاصلاح في البلاد بغير صلاح حال المعلم ,كيف نطلب من المعلم أن يعطي ونحن من نحرمه ونظلمه ونقترعليه في عيشه. مشهد يومي نعيشه يوميا معلم او مدرس وبعد انتهاء دوامه الرسمي يمارس عملا اخر ليعينه على مصاعب الحياة لديه ” جنبر” لبيع السكائر وكارتات الموبايل او سائق اجرة .
كما انه من 2003م والعمل جارٍ على قدم وساق لهدم بنايات مدارس ولن تبنى مجددا في اغلب المحافظات الذي لم يكن قرارا صائبا في غياب خطط الحكومة ووزارات التربية السابقة اضافة الى مباني اخرى شغلها النازحون وتعطيل الدراسة وإضعاف مخرجات التعليم، ولربما عودة ليست ببعيدة في الزمن لرأينا الكم الهائل من الاعتداءات السافرة على مدارس بالحرق والتكسير والسرقة وتسبب في خسائرمادية جسيمة. لقد أحسنت نقابة المعلمين بتفنيد تلك الأعمال الإجرامية التي تستهدف العملية التربوية وقياداتها ومعلميها الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن، الذين عملوا بكل جد وإخلاص وتفانٍ من أجل تحقيق اهدافهم الانسانية والتربوية.
من هنا، فإن الواجب على كل غيور على دينه ووطنه ومستقبل أبنائه أن يتصدى لتلك الهجمة الممنهجة التي تستهدف العملية التربوية التي تحتضن أبنائنا وبناتنا، وأن نكون أيدي تبني وطنها من خلال المساندة الكاملة للمسيرة التربوية والتعليمية بكل فئاتها ومواقعها، والشكر بحجم الكون لكل من علمنا حرفا ومن لقننا درسا وغرس فينا قيما شكرا لمن اطعمنا معنى الحياة. والشكر لنقابة المعلمين على وقفتهم المشرفة للذود عن المعلم ومكانته.