سأزعم معرفتي بسعدي يوسف، ذلك الشاعر المهاجر والمغني البعيد، وكان لي شرف قراءة سعدي يوسف سينمائياً وذلك في تجربتي السينمائية فيلم ستيل لايف، معالجة سينمائية حرة لقصيدتة حياة جامدة، الفيلم موجود بعدة قنوات للمشاهدة على يوتيوب وقنوات التواصل الاجتماعي وهو من إخراجي وإنتاجي وبدعم من مؤسسة المورد الثقافي وجامعة كون ـ النورماندي الفرنسية وعدة جمعيات سينمائية فرنسية، إنتاج 2005، وشاهده الشاعر سعدي يوسف وأبدى إعجابه به ولكن لا يحق لي وصف هذه التجربة والتي يمكنكم مشاهدتها ولكم حرية الحكم عليها كوننا لسنا هنا بصدد الحديث عنها ورغم أنها التجربة السينمائية الوحيدة التي تقرأ شعرية سعدي يوسف ولكن أظن أنه من الممكن قراءته سينمائياً ومسرحياً وحتى تشكيلياً وربما يأتي من هو أفضل مني ويعيد قراءة قصائده سينمائياً أو مسرحياً، كوننا مع تجربة ثرية بالجمال والسحر والدهشة.
يصور سعدي يوسف اللحظة التي قد لا تتكرر، مشهدية درامية تتحول إلى لوحة لتلتصق في وجداننا إلى الأبد، يقول قصيدته مــُـعــايَــنــة
ينســجُ العنكبوتُ على بابِ بيتـيَ
أثــوابَـهُ العاريـةْ ،
لِـيَـمُـرَّ الهواءْ
وتَــمُــرَّ الروائحُ
والصيفُ
والضــوءُ
حتى كأنّ الســماءَ ابتــداءْ
………..
………..
………..
ينســجُ العنكبوتُ على الباب
ما غاب ؛
ينســجُ معنى الرداءْ …
هو، يشاهد، يفتح لنا ثقباً لنشاهد معه، هنا لا شيء سوى ما يسمح به لنا لنشاهده، نسيج العنكبوب على باب بيته، وهذا النسيج الهش كأنه يسمح بأشياء كي تمر من خلاله ويرفض أشياء أخرى أيضاً، يسمح للهواء والروائح، الضوء والصيف وحتى السماء، ربما أشياء من السماء سيسمح لها أن تمر وسيمنع ربما …، يدعونا الشاعر أن ننظر جيداً من الثقب وألا نغلق مخيلتنا، سيسمح فقط لخيالنا أن يتلمس ما حذفه في قصيدته، ويمارس سعدي يوسف هذه اللعبة ويكررها كثيراً في عشرات القصائد، كأنه يُلقي بتلك الأثقال المجنونة لنشاركه هذه الحمولات أو نرمي بالقصيدة كاملة ونذهب لحال سبيلنا.
قصائد مبللة وكذلك الروح
من الأشياء ذات القداسة والدلالات متعددة المدلولات هو المطر، قد يأتي المطر كهمسات وبوح سماوي، يلامس وجه الشاعر أو يبلل حبيبته لنسمع هذه القصيدة :ـ
موســـيقى غرفـةٍ
ـــــ
من غرفة النومِ التي تعلو علـى شــجر الحديقةِ
وهــو يَـقْـطرُ
كنتُ أسـمعُ قُـرصَ موســيقى …
لقد كان الصباحُ مبطَّـناً بالماءِ
مخضـرّاً
وســرِّياً
وكنت أرى الرذاذَ ولا أرى
وأحسُّ بالبرد الخفيفِ ولا أحسُّ …
كأنّ طيراً يختفي ، مترنِّـحاً ، في الأفقِ ؛
…………………….
…………………….
…………………….
سوف أتابعُ الإصغاءَ ، ملتحفاً بـجِـلْـدي
أو أحاولُ أن أقول .
يدعونا سعدي يوسف أن نسمع ونلمس ونبتل أيضاً، يرسم بحرفية فنية موقعه، بالغرفة أو خلف النافذة أو بالشارع أو الحانة، عندما نقرأ سعدي يوسف فهو يحملنا إلى أماكن ربما نحن نعتادها أيضاً ونعرفها أي غرفة، شارع، حانة، حديقة، شرفة، خلف النافذة، الشاطئ أو الغابة، أو…أو..، المكان يمكن أن يشع بالسحر والدهشة حتى وإن كان بسيطاً، يضفي الشاعر صوتاً أو مؤثراً صوتياً وربما الصمت المطبق، كذلك يمتلك سعدي يوسف مصابيحه الساحرة، يرسل الضوء ليرسم ويخلق حالات وجدانية وروحية شعورية وربما تكون متضاربة وتتصارع، تارة يحلم وقد يهذي ويعود لوطنه البعيد، يسأل أمه عن أبيه وعن الشوارع والملائكة، وهو كما في هذه القصيدة يشك في رؤيته وحتى أحاسيسه، ثمة شعور بقبضة الجدران كلما يكون بمكان مغلق وقد يترافق معه هذا حتى في الأماكن المفتوحة، هو يسعى أن يحرر رؤيته وهنا ليست رؤية العين، الأهم والأصعب تحرير رؤية الروح.
أهو الجامد السجين أم ذلك الوطن البعيد، كثيرة هي الأسئلة ولنقرأ هذه القصيدة بتمعن
نارُ الحطّـابين
منذُ ثلاثةِ أيامٍ ، يَـتَـنـزّلُ هذا المطرُ …
الشجرُ الأجردُ يلبسُ ثوباً أســودَ / أخضــرَ ،
حتى اســمُ الشارعِ في اللوحةِ يمحوهُ الطحلبُ ؛
ماءٌ في القرميدِ
وشمسٌ في المخطوطاتِ وفي كتبِ اللغةِ …
الليلةَ زارتني أرواحٌ إغريقيّـاتٌ :
قُــمْ !
وانفضْ عنكَ دثارَكَ …
واحملْ في التيهِ المائيّ ، عصاكَ
اركضْ !
………
………
………
ثمّـتَ ، في ذاك الـمَـرْجِ ، مرايا ذائبةٌ
وفِـراءٌ
وخيولٌ ترعى أعشــابَ القاعِ ؛
اركضْ !
سوف ترى يوماً ما
ـ حتى لو كانت رَجْـما ـ
نارَ الحطّــابينَ …
اركضْ.
من هو المطالب بالركض وأن ينفض عنه الأدثرة؟
سعدي يوسف وهو في المنفى لم ينس وطنه العراق، هنا المطر المستمر قد يتواصل لعدة أيام وهناك الجفاف الموحش الذي أضحى يغتال الأحلام والأرواح، غشاوة ما تصيب رؤية الشاعر ويصور لنا صوراً مشوشة وما يفعله المطر، لكن هناك الجفاف والحرائق تُجرد البشر والشجر والبشر من أبسط حلم، يستعين الشاعر ويستدعي الميتافيزيقي (أرواحٌ إغريقيّـاتٌ)، فهو يحتاج إلى محفزات قوية أسطورية وميتافيزيقية وهو ابن تلك الأرض الغنية بأساطيرها وآلهتها وأغانيها، لكن ربما هذه الأرواح قد توهمه بقوة وسحر عصاه، ربما فعل وركض ثم ركض وأدرك بعدها أن هذه العصا ظلت كما هي ولا سحر فيها وليست من كلمات الرب ولا أوهام الشياطين، هاهي أشياء كثيرة في القاع والحضيض هناك ولا رؤية واضحة، نارَ الحطّــابينَ وهي نار طيبة تمنح الدفء للبسطاء، هل سيأتي اليوم الذي تكون فيه هذه النار المسالمة لقوة مدمرة؟ أم يتخيل أن ينهض هؤلاء ويركضون معه؟
نبضٌ أبيض
جاءنا ، في غفلةٍ من قطرات المطر الأولى ، نديفُ الثلجِ …
قرصٌ أشهبُ استخفى
وما كان سحاباً صار صحراءَ من الماءِ
ولوناً للســـماءِ،
الريحُ هبّتْ فجأةً
والثلجُ في الريحِ يُـذَرِّيها هنا ، أو ههنا
حلَّـقَ طيرٌ واحدٌ من آخر المبنى
خفيفاً
عجِـلاً
ضخمَ الجناحَـينِ …
لماذا أقفرتْ ســاحتُـنا ؟
كانت زهورُ الثلجِ قطناً ، ياسميناً ، نعمةً ســابغةً
تصبغُ هذي الأرضَ باللونِ الذي ليس له لونٌ ؛
لماذا أقفرتْ ســاحتُـنا ؟
………….
………….
…………
لكنْ ، سـأبقى أنا في الساحةِ :
شَــعري الثلجُ
والسترةُ ثلجٌ
والممرّاتُ هي الثلجُ …
سلاماً ، أيها الثابتُ في الساحةِ
يا ظلَّ الغريبْ …
هنا في المنفى وفي مدينة الضباب، حتى الطقس قد يتبدل دون سابق إنذار وأشياء كثيرة تتبدل وتتحول من حال إلى حال، لا نستطيع التكهن بما سيحدث هنا ولا هناك، يمكننا أن نذهب بعيداً في تأويلاتنا لقصيدة سعدي يوسف وألا نتوقف مع المشهد كمشهد يومي سردي لبعض اللحظات التي تعايش فيها الشاعر ولو حصرنا فهمنا هكذا سنكون قد أغلقنا على أنفسنا الكثير من النوافذ التخيلية الساحرة والمدهشة.
كتب سعدي يوسف هذة القصيدة في لندن 4 / 2 / 2003، أي قبل أحداث غزو العراق بثلاثة أشهر تقريباً، ربما هنا رؤية لما سيكون هناك أي في العراق وليس ما شاهده الشاعر في لحظة الكتابة، أو هي تشابكات بين هنا وهناك، فهنا للثلج جماله وسحره وهناك حمم ملتهبة من جيوش وأدوات تدمير جاءت من بلدان الثلج ولكنهم لم ينثروا أغنيات الثلج وزهوره، أشياء كثيرة حدثت وتحدث فجأةً، كما أن الكثير من التعانقات بين ما هو داخلي ونفسي وما هو خارجي، كأن الشاعر يدرك أن هذه الأمكنة هنا قد لا تفهم ما يوجد بدواخله من قلق وتشظي، ثمة حنين وبكاء إلى هناك تلك الأرض التي تُصبغ باللون الذي ليس له لون، كذلك روحه أيضاً تُصبغ باللون الذي ليس له لون، يعلن الشاعر بوضوح رفضه لما يحدث في عالمنا المفجوع بالمتغييرات القاسية، يعلن أنه سيظل بالساحة ولو وحده في زمن تغيرت وتبدلت الأصوات والوجوه وكثرت فيه الأقنعة المزيفة.
يتميز سعدي يوسف، بتقلبات صورية ومشهدية تجريبية، تضج بالدراما والأقنعة، فهو يقول أنه لا يقول شيئاً ولكن المتمعن لنصوصه يجد أن فيها الكثير من الخصوبة التأويلية، وهو الشاعر الذي عرف الكثير من المدن واحتك بثقافات عديدة، يقدم نصوصه ويترك لنا الغوص فيها، لنتأمل هذه القصيدة
سأحاوِلُ ألاّ أقولَ شيئاً
كانت غيومُ الصُّـبحِ باردةً ، مخلخَــلةً
وكان الماءُ يصعدُ من حشيشِ الـمَـرْجِ نحوَ الغيمِ ،
ثَمَّتَ ترتعي الخيلُ …
الـمَراكبُ في القناةِ
وفي الـمَراكبِ كان شايُ الصُّبحِ خيطاً من دخانٍ في الـمَداخنِ ؛
لا طيورَ هُنا .
غرابٌ كان يَنقرُ ، باحتدامٍ ، جُـثّـةَ السنجابِ .
والورقُ الذي قد كانَ حتى أمسِ بُـنِّـيّـاً على وجه الحديقةِ ، صارَ يَسْــوَدُّ .
النوافذُ رُقِّطَتْ بِـنَـثِــيرِ بلّــورٍ .
أيأتي الثلجُ ؟
سوف يدورُ في دفءِ القناني
في جذورِ الكَـرْمِ
والليلِ
النبيــذُ …
فهم النص هنا لا يأتي بتحويل الشعر إلى سرد أو حكاية، كأننا مع صور سريالية وهي ليست ثابتة، كل شيء يتحرك، الغيوم مخلخلة وكأن الماء الصاعد من المروج سيرمم هذا التصدع وكذلك هي تحتاج ولو خيطاً من دخان مداخن الشاي الصباحي، كأنه يقول السماء ليست بخير طالما نحن هنا وهذا الكون يعصف به العنف الوحشي، (غرابٌ كان يَنقرُ ، باحتدامٍ ، جُـثّـةَ السنجابِ )، للتعبير عن الخلل في الأسفل أي هذا العالم فهو يختار عدة صور تشكيلية ويصور المشهد من عدة زوايا وهنا كأننا نرى أولاً شراهة النقر ثم نرى الضحية، هو يمرر الصور وليس المعنى ولا يحرر الدلالة، يبتعد عن كل ما هو تقريري وعلينا أن نبحث عن ما ورائية الصورة ولا يهتم أن يتولد المعنى صحيحاً ولا يشير إلى أي قصدية وهو لا يعترض أو يعاتب لأي تحليل نصل إليه.
لا تخلو قصيدة لسعدي يوسف من الذات ولكنها ليست الذات المأولة لأي هدف ثقافي أو وعظي أو أي غرض وحتى الأغراض اللغوية فلا يريد تعلمينا بل يتعمد بعفوية خلق تشويهات وتشظيات وقد يعود لصورة ما من زاوية مختلفة قد تهدم ما قبلها فهو لا يكترث بمنطقية الحكاية وتعميد بنيتها أو زخ جماليات فخمة.
يبتعد سعدي يوسف ويتحاشئ كل أصناف البلاغة والزخرفات الكلاسيكية ويميل إلى بنيات غير مألوفة وقد يصعب علينا الوصول إلى الروح البانية والزعم بتحديدها أو تأطيرها، فهو يخرج من أي تراكمات نصية لغوية، نحوية، بلاغية، أو حتى سيمائية تداولية وكأنه عندما يكتب يحاول أن يتحرر من أي أثقال أو حتى تأثيرات ولا يوصي لنفهمه.
لنقرأ هذه القصيدة
ثلاثيّـــــةٌ
تخاطَفَ البرقُ ليلاً …
كنتُ منتظِراً
لَصيقَ نافذتي … هل يهطلُ المطرُ ؟
يا مرحباً بالرعودِ :
الدّوحةُ التمعَتْ أغصانُها …
مطرٌ غَدْقٌ
تَقَصُّفُ غُصْنٍ ؛
أقبلَ المطرُ !
تَخاطَفَ البرقُ ليلاً …
تحرسُ القنَواتُ ، الآنَ ، صامتةً
تلكَ القواربَ .
أشجارٌ تظلُّ بعُمْقِ الماءِ ، سيِّدةً
مقلوبةً …
هكذا يستيقظُ النظرُ ؟
تَخاطفَ البرقُ ليلاً …
في العراقِ أرى تلكَ الضواحي الصبيغاتِ
النخيلُ بها أعجازُ نخلٍ
وذاك الآسُ يُحتَطَبُ …
كم مرةً قلتُ :
قومي أمّةٌ عجَبُ !
لندن 18.07.2014
هذا النموذج من ديوانه الأنهار الثلاثة والذي أصدره عام 2015.
هنا، يقدم سعدي يوسف الشريط الصوري ثم يتبعه بالصوت، يحدد مكانه (لَصيقَ نافذتي) ولهذا المكان قرب النافذة ثمة قداسة خاصة ونجدها في الكثير من نصوصه وهي تتحول إلى شاشة عرض ومنفذ لرؤية البعيد ثم الأبعد، نرى البرق ثم مكانه، ثم نسمع الرعود، يأتي صوت الرعود ليس من أجل بناء نصي خطابي ولا لغرض بنية فهمية، البرق والرعود قد تكون محض داخلية أو هي منشط روحي عاصف، حالة من الانتظارات والأسئلة، المطر هنا بحسب رؤية الطبقة الأولى للنص كان غدقاً، قاصفا وحمل متغيرات كثيرة وربما قد يفهم أحدنا أنه كان تدميرياً، بعد ذلك نرى القوارب مقلوبة وحتى الأشجار كأنها تغرق بعمق الماء، وهناك سيدة مقلوبة وعلى المتلقي أن يعيد مونتاجية المشهد إذا أحب أو يتذوقه ويبحث عن الخفي والمخفي فيه، يخلق الشاعر حالات من النشاط الذهني والروحي للمتلقي وربما أيضاً للشاعر أولاً، فهو لا يسوق نصاً معرفياً ولا ثقافياً أو فكرياً، القصيدة نشاطات تُذكي الحنين إلى هناك أي إلى وطنه العراق وهو يتمناه أن يكون كشجر الآسُ دائم الخضرة والجمال ولكن هذا النوع من الشجر مهدد بالانقراض وهو غني بالزيوت المفيدة للأغراض الجمالية.
لا أعتقد أن الشاعر كان محبطاً رغم ما صادفته حياته من تقلبات مثيرة وبعضها كان مؤلماً، يغني سعدي يوسف للحلم ولحياة متحررة وعقل متحرر وهو كما وصفت يحررنا من أي معنى أو فهم، إليكم هذا النموذج:
ماغْنوليــا أنْدْرِيـــــــا
شتلتْ أنْدْرِيا ، في حديقةِ بيتي ، شُجَيرةَ ماغْنوليــا ؛
كان ذلك من قبلِ عَشْرٍ …
وقد مرّت السنواتُ البطيئةُ
مرّ بنا القرُّ
والحَرُّ
مرّتْ سحائبُ صيفٍ
ومرّتْ عواصفُ ثلجيّةٌ …
والشُجَيرةُ مائلةٌ
الشُجَيرةُ ماثلةٌ في الحديقةِ قربَ الجدارِ .
الشُجيرةُ تَكْبُرُ ، في صمتِها ، مثلَ ما تَكْبُرُ البنتُ …
أيُّ السماواتِ ماغنولِيا !
أتُراها ستُزْهِرُ ، يوماً ، وفي بغتةٍ ، مثلَ ما تُزْهِرُ البنتُ ؟
……………..
……………..
……………..
لكنني قد تعِبْتُ من الإنتظارِ
وفكّرْتُ أن أستجيرَ بأُخرى عسى أن أرى الزهــرَ .
*
فجراً أفقتُ
كأنّ مَلاكاً ينادي : أفِقْ أيها الراقدُ !
انظُرْ ترَ الزهرَ !
وانظُرْ طويلاً ، ومن بعدِ عشرٍ
إلى طُهْرِ ماغْنوليـــــا !
لو بحثنا عن اسم أنْدْرِيا، فسنجد أنه أسم غربي للذكور والإناث يشيع في إيطاليا، ويعتبر اسم له قداسة عند المسيحيين، لكنه هنا يشير إلى فعل (شتلتْ) أي يقصد امرأة، شُجَيرةَ ماغْنوليــا أيضاً هي من الشجيرات دائمة الخضرة ومن ضمن استخداماتها مضادات للريح لآنها تتحملها، ولكونه في طقس متقلب فقد طالت انتظارته لزهرتها وكثرت شكوكه، هو يتعاطف لحالها وكأنه ينصت ويتحاور معها، هو يحتاج للدعم وأن تصد عنه بعض الريح، يحلم بالزهرة وجمالها ويترقب رغم أن الزمن يسير بطيئاً، يتميز النص بسردية تخيلية مثيرة وهو سعدي أو الشاعر وهنا يأتي كأنه ملاك يزف له الخبر السار، كل ما يريده الشارع من الشجيرة والقصيدة والحياة هي هذه اللحظة والمتعة الجمالية الساحرة.