ترهل الجهاز الوظيفي بالعراق كثيرا. ملايين الموظفين وعشرات الاف المدراء العامين وأصحاب الدرجات الخاصة. أما المستشارون فقصتهم قصة “مشربكة”. يكفي أن تطلع على عدد مستشاري أحد المحافظين في الدولة العراقية لتكتشف العجب العجاب. من جملة هذا العجب العجاب أن هنري كسنجر مستشار ريتشارد نيكسون لو إطلع, وقد يطلع “يسويها الحظ” على إعفاء 83 مستشارا من محافظة واحدة لخنق نفسه إنتحارا بعد أن بلغ عمر المائة. بالمناسبة سيكون هذا هو الإنجاز الوحيد للسادة المستشارين بإعتبار أن كيسنجر لايريد أن “يجيبها البر” ويموت بعد أن تعبت حتى السماء منه. لست أريد الوقوف طويلا أمام السادة المستشارين الذين يتكررون في رئاسات ووزارات ومحافظات ودوائر ومؤسسات ولا يستشيرهم أحد, بل أن بعضهم لايعرفه من أصدر أمر تعيينه مستشارا لأن الجهاز الوظيفي والإداري في العراق إعتاد طوال العشرين سنة الماضية على “الخدة والخدر” مرة وعلى “الخدر والخدة” مرة أخرى. ولمن لا يعرف الفرق, فإن الفرق يكمن في التدوير. والتدوير قصة أخرى لاتضاهيها أية قصة أخرى في كل الدول من نمور أسيا الى أسود أوربا العجوز. بعض المدراء تم نسيانه تماما في دائرته. وفي حال سافر موفدا نفسه ومعه بعض الحاشية فعندما يعود تنحر الذبائح وقد تدق الطبول وقد تقرع الأجراس من رخصة همنغواي الذي عليه أن يعرف أن جواب سؤاله “لمن تقرع الأجراس” بات جاهزا عندنا .. تقرع للسيد المدير”قبل كان يسمونه السيد العام”. وبعضهم ينقل من “باب الضوجة” من هذه المديرية التابعة الى وزارة الزراعة أو الصناعة الى وزارة الخارجية أو النفط او النقل أو العدل. لايهم الاختصاص “إحنه ندور وجوه”.
هذا الجهاز المترهل الذي تبلغ إنتاجية “أنجر” موظف فيه 18 دقيقة “روح” نصف ساعة بات اليوم بحاجة الى ركضة, وقد بدأت هذه الركضة. فما أن أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عزمه على إعادة تقييم المدراء العامين صعودا الى الوكلاء والمحافظين وأخيرا الوزراء حتى بدأت الهرولة بحثا عن إنجاز ولو في كل الأوقات الضائعة من بطولة آسيا الى كأس العالم. ليس بالوسع متابعة ركضة كل المسؤولين ممن يحملون درجات خاصة وهم بالآلاف لكننا تابعنا ركضة بعض السادة الوزراء وبخاصة زياراتهم التنكرية لبعض مواقع العمل التابعة لهم. من حيث المبدأ لا ضير في المتابعة الميدانية من المسؤول الأعلى الى الأدنى للدوائر التابعة له. فهذا جزء من متطلبات عمله ومسؤوليته. لكن الأمر اللافت للنظر أن مثل هذه الزيارات وبهذه الطريقة لمواقع العمل وبشكل يومي لم تكن موجودة الأ ماندر ليس من قبل هذه الحكومة التي لم تكمل بعد شهرها السادس, بل كل الحكومات السابقة. إذن هذه الركضة الآن مرتبطة بقرار السوداني إعادة التقييم بينما يفترض أن الوزير حتى يعرف أداء موظفيه لابد أن تكون له متابعة مستمرة. الأمر الذي يبدو شديد الإستغراب هو مايقوم به بعض الوزراء من “جفتات” لبعض المؤسسات بطريقة تنكرية. لماذا تنكرية؟ لا أعتقد أن الأمر يحتاج الى مثل هذا “الشو” الذي يليه فورا “صورني وأني أدري ونص”. إذهب الى دوائرك وأنت في كامل هندامك سيما
إن “جديتي حمدة” الله يرحمها تعرف أين الخلل يا معالي الوزراء. المفارقة أن أحد السادة الوزراء لم يجد في وزارته مايستحق أن يتنكر من أجله فقرر أن يذهب متنكرا الى .. المتنبي.