لاخلاف على أن لكل الاختصاصات الفنية المنضوية تحت تشكيل نقابة الفنانين مشاغل وتطلعات ومعرقلات خاصة بها،وأن هناك آفاق خاصة بأعضائها يطمحون لتحقيقها،يعجز أي نقيب عن استيعابها،ولن يملك الوقت الكافي ليأخذها على محمل من الجد لتنفيذها. وهناك مصادر تشير إلى أن عدد من يحملون هوية عضو عامل في نقابة الفنانين في عموم العراق ،ربما إلى 30 ألف عضو، ودون شك يعد هذا رقم كبير جدا.
أمام هذا العدد الكبير من الأعضاء والتنوع والاختلاف في المهن الفنية،وما يواجهه أعضائها من مشاكل وتطلعات خاصة بكل مهنة،ليس من الممكن لنقيب واحد أن يستوعبها كلها. والوضع النقابي الصحيح أن يكون لكل مهنة نقابتها،فيتولى منصب النقيب من أصحاب المهنة ذاتها.
نحن إذن أمام عوالم فنية مختلفة تماما من حيث الاختصاص والتفاصيل،يصعب على أي شخص يتولى إدارة أي اختصاص منها أن ينجح إذا لم يكن بنفس الاختصاص.
من هنا أرى أن الوقت متاح الآن لتأسيس نقابة خاصة بالعاملين في الفنون الدرامية،تضم مخرجي السينما والتلفزيون وكتاب السيناريو والممثلين والتقنيين. وبنفس الاتجاه لابد من أن يكون للموسيقيين العراقيين نقابة خاصة بهم ،باعتبارهم يشكلون الثقل الأكبر في جسد نقابة الفنانين العراقيين من حيث العدد، سواء في المركز أوفروع المحافظات.
أرجو أن لايفهم البعض،بأن لي خصومة مع النقابة كأشخاص،مثل الرئيس واعضاء الهيئة الإدارية ، سواء في بغداد أو فرعها في محافظة نينوى.فما بيني وبينهم قائم على المودة والتقدير. وعلى وجه خاص تتسم علاقتي الشخصية مع رئيس فرع النقابة في نينوى بدرجة عالية من الثقة والأحترام المتبادلين ،بمعنى أن المشكلة التي دعتني إلى ما ذهبت إليه من دعوة لتأسيس نقابات ، ليس مبعثها خلاف شخصي،إنما لوجود خلل في واقع وهيكلية النقابة.
لنقرِّب الصورة أكثر بوقائع ملموسة من محافظة نينوى ، حيث يشكل الموسيقيين والمطربين النسبة الأكبرمن أعضاء فرع النقابة،وقد انعكس تأثيرهم بشكل كبير على نتائج أية انتخابات، حيث باتت معروفة سلفا بأن الفوز سيكون من نصيب أي موسيقي يرشح نفسه لمنصب النقيب،بناءً على قاعدتهم الكبيرة . وبطبيعة الحال يرى أغلبهم أن يمنح صوته لزميله الموسيقي،وهذا أمر يمكن تفهمه واستيعاب مبرراته،طالما أنهم يعرفونه ويعرفهم،ويفهمونه ويفهمهم،وسيكون مؤهلا قبل غيره لاستيعاب مشاكلهم. ولا خلاف على أحقيّة ومشروعية وصحة خيارهم هذا،ولاأحد يملك الحق في أن ينتقدهم أو يلومهم على ذلك،طالما أن المرشح الموسيقي يبقى الأقرب إليهم وإلى طبيعة عملهم .
المحصلة النهائية لهذا الواقع في نينوى،أن في كل دورة انتخابية جرت بعد العام 2003 دائما ما كان أعضاء بقية الاختصاصات الفنية من غير الموسيقيين عاجزين عن إيصال أي مرشح من قبلهم الى الفوز بمنصب النقيب ، بالتالي يبقون في حسابات الخاسرين قبل أن تبدأ الانتخابات،وهذا الحال أجده سيبقى قائما ومستمرا . بناء على ذلك،لم يعد مُمكنا الدوران في هذه الحلقة المفرغة من الانتخابات ،طالما نتائجها محسومة لصالح انتخاب نقيب من الموسيقيين في نينوى ،وحتى لو حصل تغيّر في نتائج الانتخابات وخسر النقيب الموسيقي الحالي،فإن النقيب الجديد سيكون أيضا موسيقيا. .
وعليه أرى من الضروري تصحيح أوضاع العمل النقابي،بإعادة هيكلته وتنظيمه بصورة واقعية تستجيب للمتغيرات،بما يتيح لكل اختصاص فني أن يختار تشكيله النقابي.
في إطار التغيير الذي أطمح إليه،باعتباري أنتمي للنقابة منذ العام 1984 أي مضى على أكتسابي شرف العضوية ما يزيد على 38 عام ، وجدت شخصيا أن أول خطوة في إطار التغيير تبدأ في مقاطعة الانتخابات القادمة المزمع اقامتها في نينوى خلال الايام القريبة القادمة.راجيا أن يتبلور بنفس الاتجاه موقف لدى بقية الأعضاء من المسرحيين والتشكيليين والتلفزيونيين والسينمائيين في نينوى فلا يدلوا بأصواتهم في الانتخابات،علما بأن هناك خطوات تجري في بغداد من قبل مجموعة من الموسيقيين لتهيئة الأرضية القانونية لتأسيس نقابة خاصة بهم ،وفي ما لو تكللت بالنجاح ،يمكن لبقية الفنانين من الاختصاصات الأخرى أن يشرعوا في العمل على تأسيس نقابات خاصة بهم .