وكنت أيمم وجهي عشاء صوب عربانة الرجل القصير الدحدوح جبار ابو المشويات وأولاده ستار ومحسن وعلي الوسيم قرب الباب الخلفي لسينما بابل البغدادية خزنة ذكرياتي الطيبة ، فأطلب سيخ معلاك واحد وأضعه في الصمونة ، وبعدها تبدأ رحلة حسابية عسيرة ومضحكة ، حيث قطع اللحم قليلة والخبزة كبيرة ، وعليك أن توازن العضّات بدقّة وتبقي قطعة معلاك كبيرة للعضّة الأخيرة ، كي يبقى طعم الشواء يلبط فوق لسانك حتى خروج الناس من بطن السينما وأوشال الدور الأخير !!!
وعندك أيضاً أيها المتذكر الشقي ، عربانة علي أبو العمبة وعامله المخلص فاضل الأعور ، وهذه محنتها لا تقل قلقاً عن محنة بسطة جبار الشهية ، مع استبعاد الشواء الغالي واستحضار البيض المسلوق الذي سينام بعد قليل من التدبر وحسبة الكلف ببطن صمونة كبيرة مثل بلم ، وهنا ستضيع البيضة العزيزة بهذا الوادي الكبير ، ولن يشفع لك ساعتها سوى ذلك الغطاء الرحيم المعمول من سائل العمبة الكثيف والفلفل الحار إن شئت واشتهيت وتوحمت .
سيرتفع وقد يتضاعف ثمن اللفة إن طلبت حشوها ببيضتين وسيكون الأمر موجعاً على وشل الجيب لو أشرت للبائع الخفيف بأن يثرم لك صنفاً مدعبلاً من نبات المانجا المخلل المفلفل الحار الشهي فوق أثاث المشطورة وهذا ما كانت تسميه الناس الجوزة وهي أخت اللب بالرضاعة من نفس ثدي الطعوم ، حتى تصير فاتورتك بقدر سندويجة كص بصمونة اسمها باسطون وهذه تجدها قائمة وحاضرة بواحد من المطاعم الثلاثة الصائحة ببوابة سينما النصر ، حيث مطعم اكسبريس فلسطين والرصيف والقصبة وصولاً الى كشك الأخوين الجرائديين ناصر وابراهيم الزقج .
ولو كنت من صنف المجربين القلقين المتشهين ، فلا مفر لك في هذه الحال سوى دكان سيد رسول وولده الفطير صادق الكائن بباب أبو التسعين ، حيث ستكون على موعد لذيذ مع طعم وعطر وشوق مختلف يلوب ويتقلى بطاورة السيد وأكلة العروق التي هي من أنسباء الأكلة البيتوتية الرائعة المسماة كباب طاوة .