بابتسامته المعهودة وقميصه الأنيق والمميز بلونه البنفسجي الفاتح دخل مدرس اللغة العربية في صفنا ايام كنا في الصف الرابع عام في اعدادية قتيبة للبنين وكتب على السبورة السوداء البيت الشعري الاتي:
واني وان كنت الأخير زمانه لأت بما لم يأتي به الأوائل .
وطلب منا بيان الخطأ في البيت الشعري…هنا ارتفعت الكثير من الأيدي طالبة الإجابة لكن الاستاذ (فائق) وهذا اسمه أردف قائلاً: الخطأ ليس لغوي أو املائي الأمر الذي دعانا الى خفظ ايدينا…وحده زميلنا سعد كريم المتقدم علينا وعيا بقي رافعا يده ليقول :
ان هناك خطأ فكريا في البيت الشعري بمخالفته للمنطق التاريخي الذي يؤكد ان انجازات الزمن الحاضر هي أفضل مما أنجز سابقا.ربما يكون استذكاري لهذا الموقف في غرفة الدرس يأتي في سياق الإجابة لكل الغارقين في الماضي ويرونه بديلا للحاضر والمستقبل.
نعم نحن نقدس الماضي ونصفه بالزمن الجميل وزمن الخير !!! الكثير مما يرد في منشورات الفيسبوك والتعليقات المرافقة لها بها مغالطات للواقع وتجمل كل قبح ايام الاستبداد والحروب العبثية في تلك الحروب كانت الأيام والسنين محرقة لكل شيء جميل …لقد عشنا هذه اللحظات كثيرا واستشهد الكثير من الأصدقاء والأحبة.. ان أفضل جواب يقدم الى المترحمين والمتباكين على الماضي والنظام السابق هو ما قاله د.علي الوردي: (من مأسي العقل العربي انه عندما يتعرض للظلم من طغاته الحاليين يتحسر على طغاته السابقين مع ان السابقين هم من مهدوا الطريق للحاليين) لا أدري هل الخطأ فينا أم في قرائتنا للتاريخ؟ نحن نمر بحالة ضياع الوعي..ربما يكون انجازنا الحالي اننا لا زلنا نحتفظ بقوانا العقلية !!؟ نعم المصائب التي تمطر علينا في هذه الأيام قادمة من غيمة الماضي المستبد.