ان‭ ‬من‭ ‬يطوف‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬سياسة‭ ‬واقتصاداً،‭ ‬ثقافة‭ ‬واجتماعاً،‭ ‬سيصيبه‭ ‬العجب‭ ‬العجاب‭. ‬شعب‭ ‬يعاني‭ ‬الانفصام‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭:‬

‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬السياسية‭ ‬وتشظيها

في‭ ‬الواقع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وخرابه

في‭ ‬النظرة‭ ‬الثقافية‭ ‬وتشتتها

‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬والقيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬واهتزازاتها

لا‭ ‬أقول‭ ‬ذلك‭ ‬تشاؤماً،‭ ‬وانما‭ ‬بهدف‭ ‬الانطلاق‭ ‬الى‭ ‬حال‭ ‬أفضل‭ ‬والعزم‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بالعراق‭ ‬والعراقيين‭ ‬حضارة‭ ‬ودوراً‭ ‬وانجازاً‭ ‬إنسانياً‭.‬

لقد‭ ‬مر‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬العشرة‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬بعهود‭ ‬سياسية‭ ‬كثيرة‭ ‬مليئة‭ ‬بالتناحر‭ ‬والتصادم‭ ‬والصراعات‭ ‬الدموية‭. ‬فمنذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬عام‭ ‬1921‭ ‬وفي‭ ‬اطار‭ ‬الاحتلال‭ ‬البريطاني‭ ‬للعراق‭ ‬وظروفه‭ ‬واستعداداته‭ ‬البدائية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬عليها‭ ‬النظام‭ ‬الملكي‭ ‬الهاشمي،‭ ‬حتى‭ ‬انقلاب‭/ ‬ثورة‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬تموز‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1958‭ ‬كانت‭ ‬سياسة‭ ‬الملكية‭ ‬الدستورية‭ ‬ومجلسي‭ ‬برلمانه‭ ( ‬الأعيان‭ ‬والنواب‭) ‬تطبع‭ ‬صفات‭ ‬من‭ ‬تولى‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬وزاراتها‭ ‬واداراتها‭ ‬العامة‭ ‬وبنائها‭ ‬التربوي‭ ‬والثقافي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬دون‭ ‬اهمال‭ ‬لتأثيرات‭ ‬التيارات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬وتأسست‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬طبقية‭ ‬ودينية‭ ‬وقومية،‭ ‬تناصب‭ ‬العداء‭ ‬للحكم‭ ‬الملكي‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتوجيه‭ ‬المحتل‭ ‬الاستعماري‭.‬

بيد‭ ‬ان‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬اعقبت‭ ‬العهد‭ ‬الملكي،‭ ‬والتي‭ ‬دشن‭ ‬عهدها‭ ‬الجمهوري‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الضباط،‭ ‬كانت‭ ‬أشد‭ ‬اضطراباً‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬السابق‭. ‬فقد‭ ‬بشر‭ ‬ذلك‭ ‬العهد‭ ‬بالاستقلال‭ ‬والتحرر‭ ‬وشيء‭ ‬من‭ ‬اليسارية‭ ‬والاشتراكية‭ ‬والقومية،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬بالصراعات‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬والانقلابات،‭ ‬حتى‭ ‬عاد‭ ‬الغرب‭ ‬غازياً‭ ‬ومحتلاً‭ ‬ومدمراً‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬مسقطاً‭ ‬نظام‭ ‬البعث‭ ‬العربي‭ ‬القومي‭ ‬النهج،‭ ‬وليلعب‭ ‬لعبة‭ ‬تبديل‭ ‬الأدوار‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬سانداً‭ ‬أمر‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭ ‬لجارته‭ ‬ايران‭ ‬ذات‭ ‬النهج‭ ‬الطائفي‭ ‬والبلد‭ ‬الطامع‭ ‬بخيراته‭ ‬تاركاً‭ ‬البلاد‭ ‬تتآكلها‭ ‬الفوضى‭ ‬والفساد‭ ‬وضياع‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭.‬

اننا‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬عراق‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬ملامح‭ ‬مستقبله‭ ‬واضحة،‭ ‬ولا‭ ‬يقف‭ ‬المرء‭ ‬عنده‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬وطنية‭ ‬جامعة،‭ ‬ولا‭ ‬يشهد‭ ‬اقتصاداً‭ ‬منتجاً،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تمزق‭ ‬نسيجه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ونزوح‭ ‬وهجرة‭ ‬الملايين‭ ‬منه‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *