كلمة ممثل اليمن في قمة جدة توحي بأنَّ المصالحة الإيرانية السعودية ليست لها أي أثر جوهري على انهاء حالة الحرب في اليمن، وكأنّ المكسب الأساس من تلك المصالحة هو عملية تبادل الاسرى. كما انّ ممثل السودان بدى يتطلع الى انتزاع الاعتراف بشرعية البرهان بوصفها المدخل لتحقيق الدعم الذي سيحسم حرب السودان الجديدة وليس اطالة امدها من خلال تناغم بعض الأطراف العربية مع زعيم التدخل السريع .
امّا سوريا التي عادت الى القمة والجامعة العربية فملفها ثقيل جدا، ولا يمكن اعتباره محسوماً باتجاه معين، لمجرد حضور الرئيس السوري اجتماع القمة، ذلك انّ وضع سوريا مُعقد، وانّ ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار له وجوه مالية وأمنية وسياسية، ومن الصعب حسمها من دون توفير إمكانات مالية ضخمة يجري ضخها في سوريا لإعادة إعمار المدن المهدمة، وهذا بحد ذاته ملف خلافي حول الجهة التي تتولى الصرف على التعمير، وما اذا كانت هناك جهات محسوبة على المعارضة يمكن ان تشترك في مناطق معينة.
دول عربية كثيرة كانت قد حرصت على التهدئة الواضحة في الكلمات من دون الرغبة في اثارة موضوع خاص خارج السياق العام الذي مثله بيان جدة في العمل على تجنيب المنطقة ويلات النزاعات والصراعات. ولا ننسى انَّ هناك تباينات واختلافات في النظر الى طبيعة الحلول الممكنة للمشكلات العربية، لكن يبدو انه لم يكن أحد راغباً في وضع كل همومه وتفاصيلها على طاولة القمة.
ما كان ينبغي أن يمر زيلنسكي وخطابه مرور الكرام ، وهو الذي جاء ضيفاً على القمة كفرصة ذهبية للكلام المباشر الى الزعماء العرب المؤثرين منهم والهامشيين. ووجدناه يتهم قادة حاضرين لم يسمهم بأنهم قابلون بضم روسيا لأراض اوكرانية. ويتخيل المراقب انّ الزعيم الليبي القذافي يمر طيفه على القاعة ليقول لزيلنسكي: وأنت كانت بلادك اشتركت بجيشها باحتلال بلد كامل هو العراق وليس قسماً من أراضيه مع الولايات المتحدة، وتبين لاحقاً انّ الحرب قامت على أسس كاذبة، فما الذي ستقدمه لضحايا تلك الحرب؟
العرب قوة لها ثقلها، حتى الفقراء منهم، لكنهم لا يعون بدقة هذه الحقيقة، ولا يستغلونها عندما يأتي الروس والاوكرانيون ليخطبوا ودهم واستمالتهم، ولا ندري ما هم فاعلون إزاء هذه الفرصة؟