من الصعب تفسير التناقض بين إعطاء الزعماء العرب الاهتمام الكبير بمؤتمرات القمة العربية وغياب بعضهم المستمر عن اجتماعاتها السنوية. انه اجتماع واحد ليوم واحد، وهناك من الزعماء مَن لا يحتمل أن يحضر ويلتقي قادة الدول الذين من المفترض أن يشاركوه الهموم والتحديات المتقاربة. هنا لا أقصد غياب القادة لأسباب صحية وكحالات طارئة معروفة، وانما هناك تغيبات مزمنة وإصرار منذ عقود على ان يكون التمثيل في القمة بمستوى اقل من زعيم البلد. ويبدو انّ ميثاق الجامعة العربية يسمح بسهولة بذلك.
لا يمكن أن يكون صاحب القرار الأول في البلد بمستوى مَن يوفده ليمثله من المناصب الأقل، مهما كان التخويل كبيراً في البت بالقرارات التي تكون مُسبقاً معلومة التوجهات عبر التوافق في اجتماعات وزراء الخارجية العرب التي تمهد لانعقاد القمة.
العلاقة الشخصية تكون ذات أثر كبير في توجهات وقرارات الزعماء، هذا الجانب لا يمكن اغفاله، ولعله جزء من تكوين الشخصية العربية. لقد مرّ العرب بظروف سيئة كثيرة صاحبت انعقاد قممهم في العقود الماضية الا انّ كثيراً من الزعماء “الاضداد” في المشهد العربي العام كانوا حريصين على الحضور الشخصي.
وثمة ملاحظة بروتوكولية، لا أدري ما هي المعايير التي يسوقها منظمو القمة العربية في أي بلد بشأن الصورة التذكارية للزعماء التي يجري التقاطها في ختام القمة. من المنطقي والواضح للعيان انّ مسافات وأمكنة الوقوف تكون بالقياس الى الزعيم المضيف الذي هو رئيس تلك الدورة من القمة ويكون موقعه عادةً في منتصف الواقفين. وهنا لو ألقينا نظرة على موقع مَن يمثل العراق في القمم العربية العشرة الأخيرة نجد انّ موقع وقوفه يختلف من سنة الى أخرى، بالرغم من انّ التمثيل كان في معظم الدورات بمستوى المسؤول الأول. إدارة البروتوكول كانت في بعض الدول تضع علامات يراها الزعيم ويقف عندها، لكن يبدو من غير اللائق وضع اسم بلاد أو زعيم أو صورة علم على الأرض، ومن ثمّ يدوسه الجميع بحثا عن امكنتهم المخصصة للوقوف. لكن في كل الأحوال هناك معايير، ينبغي ان تكون مستقرة تبعاً لمستوى التمثيل وكذلك ثقل البلد. فالعراق من بين البلدان العربية الثلاثة الأكثر في عدد السكان، ومن بين الخمسة الأكبر في المساحة، ومن بين اثنين يملكان أكبر احتياطي عالمي في النفط، وربّما الغاز ايضاً، وبحسب هذه المعطيات الثابتة غير القابلة للتبدل مع الانظمة السياسية يكون من الصعب وضع العراق في آخر مواقع الزعماء الواقفين، إلا اذا كانت الحسابات مبنية على أسس أخرى غير معروفة ومتداولة. ولا أبالغ اذا قلت انني رأيت صوراً منشورة على «مواقع رسمية» لم يظهر فيها صاحب الموقع الأول في العراق، لعدم اتساع كادر الصورة. ولعل هذه الملاحظة تنفع شركات الكاميرات في تحسين سعة العدسات من الناحية الفنية لتكون قابلة لدعم الاستيعاب السياسي ايضاً