مع بداية الامتحانات في الجامعات العراقية كافة ، تصل التعليمات المشددة حول متابعة محاولات الغش وتنفيذ العقوبات المناسبة بحقها ان وقعت،التي تُرقن قيد الطالب الغاش ، لتجد الإدارات والمراقبين معا امام احراجات تأخذ بالنمو باتجاه الضغوطات، وان لم تفلح تخترق القوانين والتعليمات، ومن واقع معاش وتجربة من كان بموقع المسؤولية، تبدأ عملية الضغوطات باتصالات من معارف وترجٍ للتدريسي المراقب ان يتنازل عن حالة الغش التي كشفها وقدمها للإدارة لاتخاذ العقوبات المناسبة، ثم ينتهي الامر الى اتساع دائرة التدخلات لتأتي الاتصالات من مستويات عليا في إدارة الدولة تنفيذية وتشريعية مسؤولين وبرلمانيين وبعدها تتطور الى ضغط مبطن بأشكال معينة تظهر في ثناياه التهديدات ويلتحق بالضاغطين مسؤولو الاحزاب او أعضائها وشيوخ العشائر ولا اعلم هل من حق هذه الجهات التدخل لتخليص غشاش من ان تُطبق بحقه القوانين والتعليمات؟! ، ببساطة كلهم لا ينتمون لعالم الدولة التي نريدها ان تُبنى على اسس متينة ورصينة ونجد فيها انساناً مهنياً متطوراً يُخلص بلده من الازمات ويُطوره ويُقدمه ويجيد مهنته لا ان يُسهم في تدهور احوال البلد، فما دخل مسؤولي السلطات الثلاث في هذا المجال!، فقد اُسست سلطاتهم على اساس تحقيق العدالة والمساواة وادارة سليمة للدولة من دون احتكار للسلطات، وان يسهم الشعب في ادارة دولته بشكل سلس حر ديمقراطي وان تكون القوانين نافذة لا ان تُستغل السُلطات لتضعف مؤسسات الدولة وتُهيمن عليها بعد ان تدعم الخروقات والمفاسد التي تؤدي الى الهلاك والسقوط لا محالة مع مثل هكذا تدخلات في التعليم ،ويأتي دور الاحزاب التجمعات السياسية او المؤسسات الجماهيرية السياسية التي ان وجدت فهدفها الاسهام في الحياة الديمقراطية، وان تكون نافذة للمشاركة في ادارة الدولة وكل حزب حسب مبادئه وتوجهاته، انما هي لتسهيل عملية ادارة الشعب ان كانت تؤمن بإرادته فوجودها لهذه الغاية لا ان يخترق اعضاؤها التعليمات والقوانين والتوجيهات، وكذلك العشائر انما وجودها لتأكيد اصالة النسب والانتماء وان تحمي القيم والتقاليد وتؤدي دوراً اجتماعياً يقوي الاواصر واللحمة الوطنية ويدعم السلام والتوافق لا سيما اذا ما كانت تعيش بدولة عصرية فيها قانون يجب ان تحترمه ويسري على الجميع، فما الداعي اذاً من تدخلهم، لقد كانت المعارضة السياسية ابان حكم النظام السابق تحاول جهدها كشف اخفاقات ذلك النظام في مجالي القضاء والتعليم ،وهذا امرٌ حسنٌ اذا ما ارادت ان تكون معارضة ناجحة تضع النقاط على الحروف في كشفها فساد ابرز مؤسستين تُبنى عليهما الأوطان ، وقد كنا نسمع عن دلائل وقرائن تؤكد تدهور حال المؤسستين وفسادهما ما قبل عام 2003 ? اما الان فمن المفروض ان تنتهي كل حالات الفساد التي شخصتها المعارضة والشعب معا لا ان نعود للمربع نفسه حيث سيادة العلاقات والواسطات والرِّشا وغيرها بدلاً من القانون والتعليمات، وها نحن اليوم نشهد ضغوطات متكررة على المؤسسات التعليمية لغرض غض الطرف عن الغشاشين وهذا بحد ذاته تهديد للعملية التعليمية التي من المفروض ان نرتقي بها فصلاح الدولة والمجتمع مبني عليها بعد القضاء العادل ، فالتعليم هو من يطور الامم ويقدمها وانتشار حالات التساهل في مجال الغش والتهاون يعني خلق جيل غشاش كاذب لا يؤمن بالقانون؛ لانه شهد بنفسه خرقاً للقانون فلا يُبالي به ولا بمدعيه ولا بمن يمثله فكيف اذا ما اوجدنا طبيباً غشاشاً ومحامياً ومهندساً وووو ، هؤلاء الذين نجحت الضغوطات بصناعتهم ومن ثم نفسها نجحت بتعينهم .