ينتقد بعض المحللين العراقيين سياسة واشنطن الرافضة تحويل ديون العراق لاستيراد الغاز الإيراني والتي تبلغ كما يذكر البعض حوالي ١٣ مليار دولار !!
المتابع الموضوعي المحايد يمكن ان يطرح تساؤلات مقابلة ان واشنطن سبق وان حذرت من ديمومة استمرار العراق بزيادة استيراد الغاز الإيراني وطرحت عدة مشاريع من بينها استثمار الغاز المصاحب في حقول النفط العراقية التي تحرق سنويا ما تقدر قيمته بمليارات الدولارات.. وهذا الملف مفتوحا منذ اكثر من عشرة سنوات ..والسؤال . لماذا لم تنجح اي حكومة عراقية في التوصل الى تلك الحلول الفضلى المطلوبة؟؟
هنا يظهر تعريف المصلحة الوطنية العراقية مقابل الاجندات الحزبية في نظام المحاصصة وثقافة المكونات وامراء الطوائف السياسية بمفهومي البيعة والتقليد .. الذين قدموا الى مواقع السلطة في قطار الاحتلال الأمريكي وشركاه فيما تحولت بوصلتهم نحو تحويل المصلحة الوطنية العراقية الى ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران على حساب المواطن العراقي .. وملف الكهرباء من اتعس الملفات وأكثرها تاثيرا على اغلب مفاصل المعيشة اليومية لهذا المواطن ..
من جانب يروج اصحاب المصلحة المؤيدة لولاية الفقيه الإيراني في حكم العراق ان في صبر المواطن على بلاء الاحتلال الامريكي نوعا من الدعم المقدس للحرب الأكثر قداسة منذ معضلة سقيفة بني ساعدة حتى يومنا هذا .. فيما تناسى الموروجون لهذا المفهوم انهم وليس غيرهم من اتفق مع الشيطان الأمريكي لاحتلال العراق !!
الامر الاخر هذا الايغال في تفضيل المصلحة الوطنية الإيرانية على المصلحة الوطنية العراقية من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة ومواجهة هكذا أزمة في الكهرباء مع قدوم فصل الصيف الساخن لاجبار واشنطن على دفع مستحقات الغاز الإيراني الأغلى ثمنا والاستمرار في هدر الغاز المصاحب وعدم استثمار حقول الغاز العراقي .. فيكون المواطن العراقي سلعة رخيصة في حرب الاستنزاف الأمريكية ضد رغبات الحكومة الإيرانية تفجير قنبلتها النووية بتمويل غير مباشر عبر تعظيم الحاجة العراقية من الواردات الإيرانية التي بلغت اعلى مستوياتها ..فيما الاتفاق الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد يؤكد على عمق الروابط الاقتصادية بين البلدين!!
نقطة آخرى .. ما دامت هذه الرغبة معروفة عند جميع الأطراف ..سواء الاحزاب العراقية او مكتب المرشد الاعلى الإيراني ..او عند الجانب الامريكي.. لماذا لم تعمد الحكومات العراقية والفعاليات السياسية الى بحث حلول فضلى لا تصيب المواطن العراقي بمقتل هذا الموقف كل عام عن تسديد قيمة الغاز .. الجواب ربما سينتهي الامر الى فرض عقوبات على العراق تعيده الى الفصل السابع ما دامت المصلحة الوطنية الإيرانية هي التي تتقدم في ادارة السياسات العامة للحكومة العراقية ..ويبقى المواطن العراقي وفيهم اغلبية صامتة تئن تحت وطئة حرارة الصيف ..حتى توافق واشنطن على التحويل وربما سيعود الدولار لارتفاع في الأسواق المحلية مرة أخرى الى ارقام قياسية اذا تم التحويل بالدينار العراقي واعتماد طريقة تحويله الى دولار في الأسواق الموازية من خلال دكاكين مصارف ..تمثل واجهات اقتصادية لهذا الحزب او ذاك فتكون الأرباح مزدوجة . مرة لتمويل المشروع العسكري الإيراني على حساب العراق واخرى لتمويل المال السياسي لهذه الأحزاب استعدادا للانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات ..
في كل ذلك ليس هناك غير خاسر وحيد .. هو المواطن العراقي الناخب واغلبية صامتة يتعاظم غضبها من اجندات حزبية تفضل المصلحة الوطنية الإيرانية على المصالح الوطنية العراقية ..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!