منذ بدء الحصار على العراق سنة 1990بدأت تنمو شريحة جديدة على الواقع العراقي تلك هي شريحة اصحاب المولدات الكهربائية الأهلية حيث انتشرت المولدات الأهلية في كل حي من أحياء المدن وكل قرية من قرى البلاد وعندما كانت المياه متوفرة ومحطات التوليد تعمل ولو بنصف طاقتها كان هناك برمجة شبه ثابتة للقطع والتجهيز بحيث صار المواطن يعرف متى تأتيه الكهرباء ومتى تنقطع ولكن بعد حدوث أزمات المياه ونضوب خزين السدود انحسرت عمليات توليد الطاقة اضافة الى تأثيرات الحصار على محطات التوليد الاخرى وزيادة الطلب بسبب الزيادة السكانية وتوسع المدن والمجمعات السكنية وعدم التفكير في استغلال حقول الغاز العراقية التي تعتبر من أكبر حقول الغاز في العالم هذا عدا الغاز المصاحب لاستخراج النفط ، كل هذا أدى إلى إنحسار إنتاج الطاقة الكهربائية وبالتالي اللجوء إلى استيراد الطاقة والغاز المشغل لما تبقى من محطات محلية مما أدى إلى زيادة كبيرة في شريحة اصحاب المولدات الأهلية بحيث صار يحسب لها حسابها والكثير منهم اصحاب مكانة اجتماعية وسياسية مؤثرة بحيث صار الخلاص منهم اشبه بالمستحيل حتى لو تمكنت الحكومة من توفير الكهرباء طوال اربعة وعشرين ساعة يوميا فسيبقى القطع ثابتا عند اقتراب نهاية كل الشهر وبداية شهر جديد لكي يتمكن اصحاب المولدات من جميع أجورهم الشهرية ولهذا على المواطن ان يضع في حساباته الشهرية تخصيص مبلغ لأصحاب المولدات واخر لوزارة الكهرباء اضافة لما يخصصه لمولده المنزلي الذي قد يحتاجه عند عطل المولد الاهلي أو عطل وانقطاع الكهرباء الوطنية او المستوردة حتى يتوفر حل يرضي اصحاب تلك الشريحة الواسعة .
وبعد أحداث الاحتلال سنة 2003وما تلاها ظهرت شريحة أخرى اخذت بالاتساع والانتشار في كل الوطن وهي شريحة المعقبين والمتابعين لمعاملات المواطنين في دوائر الدولة حيث اخذت هذه الشريحة على عاتقها مهمة انجاز معاملات المواطنين في جميع دوائر الدولة التي لايزال الروتين القاتل هو السائد في جميع مفاصلها اضافة الى تعمد بعض المسؤولين والموظفين عرقلة سير تلك المعاملات لدفع اصحابها امام هذا الوضع إلى دفع الرشاوي إليهم مباشرة او اللجوء إلى المعقبين الذين يتقاضون مبالغ خيالية مقابل انجاز تلك المعاملات وبالتأكيد لن يكون عمل أولئك المعقبين سهلا دون بناء علاقات تبادل منفعة مع الموظفين وربما حتى المسؤولين المباشرين لبعض الدوائر مما يشكل عبئا اضافيا على المواطن المنهك اصلا من قلة مصادر رزقه بسبب قلة فرص العمل وارتفاع الأسعار لمختلف المجالات الغذائية والصحية والنقل والوقود عدا المواد الانشائية وغيرها علما ان الحل لهذه المشكلة يكمن في أتمتة الدوائر وجعل جميع الدوائر تقوم بإنجاز معاملات مراجعيها عن طريق الانترنيت وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى إيذاء شريحة المعقبين وهذا لا يرضي بعض الجهات المعنية بها وستقوم بعرقلة التحول للعمل الالكتروني عن طريق تعطيل النت او الكهرباء لان مثل هذا التحول يحتاج إلى كهرباء مستمرة ونت لا ينقطع .
بعد كل ما تقدم نجد أن تشابك المصالح يجعل من مصلحة الناس في المرتبة الثانية بعد مصالح تلك الشرائح والمستفيدين منها والا كان بالإمكان تحويل كل ما تم صرفه على استيراد الكهرباء والغاز من جميع دول الجوار إلى تأهيل وإنشاء محطات الكهرباء واستغلال حقول الغاز الوطنية بالشكل الأمثل فيما يتعلق بالطاقة الكهربائية والزام جميع الدوائر بنظام الأتمتة في كل تعاملاتها مع المواطنين فيما يخص معاملاتهم وبذلك تكون مصلحة المواطنين الذي هم الشريحة الاكبر في المجتمع مقدمة على مصالح الشرائح الاخرى التي مهما كبرت فهي لا تمثل الا نسبة ضئيلة من المجتمع ككل .