تعكس صورة المرأة حال المجتمعات، ومدى تطورها، واستقرارها، ووعيها. وكلما كانت صورة المرأة وواقعها مشرقا ومحترما لإنسانيتها داخل العائلة أو مواقع العمل او بوجودها في مراكز صنع القرار وواجهة البلدان كلما عكس مدى التطور الذي وصلت له المجتمعات.
التطور هو ليس في البنى التحتية والفوقية للبلاد فحسب، بل بمستوى الوعي الانساني والاجتماعي والسياسي.
وقد تتعرض المرأة للاستغلال المادي والجسدي إن لم تكن هناك قوانين وأعراف اجتماعية تحمي الانسان والمرأة بشكل خاص.
قد تتدخل القوانين الاجتماعية والعشائرية في تحويل المرأة الى سلعة للبيع والشراء او نوع من الرق الخفي داخل البيوت باستغلال مقدراتها ومواردها والاستيلاء عليها تحت طائلة التهديد والخوف، ما يؤدي الى تنازلها عن حقوقها المادية والمعنوية.
يحدث هذا كثيرا في مجتمعنا وفي بيوت قد لا تعترف بالأعراف العشائرية او حتى الالتزام الديني ذلك الدين نجده قد أنصف المرأة وراعى حقوقها ومكانتها الاجتماعية، وهو الدين الذي يمكن تفرقته عن الدين التجاري الذي يستغله البعض في إذلال، واستغلال المرأة، وانتهاك كرامتها، واموالها.
في الريف تستغل طاقة المرأة في العمل المضني المجاني والغير قابل للقياس حتى إن القوانين الشخصية لم تمنحها حقوقها أسوة باي امرأة في العالم المتمدن او حتى دول الجوار والذي يحميها ويجعل من الثروة قسمة متساوية بين الرجل والمرأة مما يجعل من واقع الاسرة مهددا لوجود مقدراتها بيد واحدة، و قد يؤدي بالرجل الى الزواج ثانية او صرف هذه الموارد في اماكن اللهو والطيش، في حين لدينا ما هو العكس تماما حيث يتمكن الرجل من الاستيلاء على أموال الزوجة ومقدراتها تحت طائلة مسمى الزوجية الذي يقف القضاء محايدا أمام تعرض النساء لاستغلال أموالها من قبل الزوج دون ان ينصت القضاء الى حقوقها المسلوبة وفي هذا انحياز غير عادل للرجل الذي قد يكون ما يملكه صفرا أمام ما أستغله واستولى عليه من الزوجة.
وفي هذا الشأن خسرت نساء كثيرات ثرواتهن التي لم تعيدها ضمائر الازواج او قوانين الاحوال الشخصية التي تحتاج الى تعديلات كثيرة لصالح المرأة، ناهيك عن الاستيلاء على راتبها ومواردها وايضا تحت مسمى الزوجية والملكية الواحدة.
هذه الانتهاكات يسكت عنها المجتمع المنحاز للرجل دائما وقد تسكت المرأة ايضا تجنبا للمشاكل والازمات التي قد تحدث لهذا السبب.
هذه المظالم تنعكس بشكلها السلبي على وضع المرأة النفسي والصحي وتعاملها مع أولادها ومجتمعها.
والنتيجة أن الأسس الركيكة اللا منتمية للمثل والقيم الانسانية الحقيقية تجعل البناء الانساني للعائلة هشا ومفككا وتضعف الروابط الانسانية بين أفراد العائلة وقد ينحاز الأولاد للأم التي تعرضت لهذا الاستغلال ما يجعل الآباء في مرمى عدم التقدير والاحترام.
صمت النساء عن حقوقهن يعكس هبوط منسوب الوعي بالظلم وتقبله وهذا ما يجعلنا نعيش بنوع من الرق الخفي الذي لا يمكن بوجوده أن تتقدم البلدان وتتطور المجتمعات.