حين‭ ‬كنتُ‭ ‬أصغي‭ ‬الى‭ ‬كلمة‭ ‬رئيس‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭ ‬نيجيرفان‭ ‬بارزاني‭ ‬في‭ ‬ملتقى‭ ‬مفتوح‭ ‬ببغداد‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬شعرت‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬هو‭ ‬مرحلة‭ ‬تختلف‭ ‬عمّا‭ ‬سبقها،‭ ‬وانّ‭ ‬ذلك‭ ‬الحديث‭ ‬المباشر‭ ‬أمام‭ ‬النُخَب‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬إجابات‭ ‬ساطعة‭ ‬الوضوح‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬محددة‭ ‬ومثيرة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينطق‭ ‬بها‭ ‬سائلوها‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الإقليم‭ ‬الكردي‭ ‬والعراق‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تكامل‭ ‬الجزء‭ ‬مع‭ ‬المجموع،‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬وطن‭ ‬واحد‭.‬

كانت‭ ‬الفترات‭ ‬المضطربة‭ ‬بالتجاذبات‭ ‬والتشويش‭ ‬المتبادل‭ ‬والاهواء‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬قيام‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬لبناء‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬خطابات‭ ‬الأحزاب‭ ‬والقوى‭ ‬المتصارعة‭ ‬الى‭ ‬الشارع‭ ‬الذي‭ ‬يتأثر‭ ‬بنسب‭ ‬متفاوتة‭ ‬بالإعلام‭ ‬المُسيّس،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬إلقاء‭ ‬التُهم‭ ‬الجزافية‭ ‬ضد‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬هو‭ ‬الإقليم‭ ‬الكردي‭ ‬ووصمه‭ ‬بالجيب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أو‭ ‬الأمريكي،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬الى‭ ‬انّ‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬كانت‭ ‬جيباً‭ ‬أمريكياً‭ ‬خالصاً‭ ‬وكانت‭ ‬نفس‭ ‬القوى‭ ‬مطلقة‭ ‬الاتهامات‭ ‬تلعب‭ ‬وتمرح‭ ‬هناك‭. ‬

في‭ ‬كلام‭ ‬نيجيرفان‭ ‬بارزاني‭ ‬العلني‭ ‬بشأن‭ ‬أنَّ‭ ‬الإقليم‭ ‬مندمج‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬نجد‭ ‬انّ‭ ‬الاقاويل‭ ‬والشائعات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مُغذاة‭ ‬من‭ ‬أقطاب‭ ‬سياسية‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬تهاوت‭ ‬مباشرة‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬حيز‭ ‬في‭ ‬الوجود‭. ‬لاسيما‭ ‬انَّ‭ ‬تلك‭ ‬الاتهامات‭ ‬كانت‭ ‬أداة‭ ‬تسويقية‭ ‬في‭ ‬الاعلام‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬واكب‭ ‬الضربات‭ ‬الصاروخية‭ ‬الاستعراضية‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬انها‭ ‬أهداف‭ ‬معادية‭ ‬يحتضنها‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭. ‬وحسم‭ ‬رئيس‭ ‬الإقليم‭ ‬الكردي‭ ‬اللعب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوتر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يستمر‭ ‬العزف‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬تصاعد‭ ‬مع‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬النووي،‭ ‬بقوله‭: ‬إنّنا‭ ‬لا‭ ‬ندعم‭ ‬أية‭ ‬دولة،‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬جارة‭ ‬هي‭ ‬ايران‭.‬

حين‭ ‬تنشأ‭ ‬خلافات‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬والتصورات‭ ‬حول‭ ‬الموازنة‭ ‬المالية‭ ‬او‭ ‬بعض‭ ‬القوانين،‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬المواقف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لإقليم‭ ‬كردستان‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬المصير‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬كله،‭ ‬والبدء‭ ‬بحملات‭ ‬دعائية‭ ‬توحي‭ ‬بأنّ‭ ‬كل‭ ‬التفاهمات‭ ‬السابقة‭ ‬كانت‭ ‬هشّة‭ ‬لا‭ ‬تحمي‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬تداعيات‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬سياسية‭ ‬تعتريها‭ ‬خلافات‭.‬

خلاصات‭ ‬مهمة‭ ‬قدّمها‭ ‬رئيس‭ ‬الإقليم‭ ‬في‭ ‬إيضاح‭ ‬مقتربات‭ ‬الطريق‭ ‬الواحد،‭ ‬وانّ‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تراعي‭ ‬مصالح‭ ‬العراق‭ ‬كبلد‭ ‬موحد‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬تطالب‭ ‬الإقليم‭ ‬أو‭ ‬سواه‭ ‬بالانسجام‭ ‬والتناغم‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬المصلحة‭ ‬العراقية‭. ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬بعد‭ ‬مرحلة‭ ‬الوضوح‭ ‬بين‭ ‬أربيل‭ ‬وبغداد،‭ ‬أن‭ ‬ينخرط‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬اطلاق‭ ‬الاتهامات،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬مواقف‭ ‬عليها،‭ ‬لا‭ ‬تستند‭ ‬الى‭ ‬حقائق‭. ‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *