عندما اقول رؤية دستورية فأن ذلك يعني انني سأقيم الزوبعة السياسية التي حصلت مؤخرا بضوء الدستور كرجل قانون محايد ” الباحث لا يعد باحثا الا اذا التزم الحياد وأصول البحث العلمي” ، وكانت اول محاضرة القيها لكل دورة في الدفاع الوطني (اصول البحث العلمي) ومن ضمن الامثلة التي اضربها لهم ( اذا كلف احدكم ببحث عنوانه الصراع العربي (الاسرائيلي) فلا يحاول ان يثبت عروبته فنحن نريد منه ان لا ينحاز خلال البحث للعرب ضد (اسرائيل) لأنه ان انحاز فسيكون بحثه فاشلا والانحياز للباحث ينبغي ان يكون للمنطق اينما يكمن .
الدستور العراقي ( المادة السابعة)
الباب الاول من الدستور عنوانه (المبادئ الاساسية) وهذا يعني ما يعنيه والتي حظرت المادة (7) منه (( البعث الصدامي في العراق ورموزه)) ورغم ان هذه المادة تناقضت تناقضا كبيرا مع جوهر الدستور(الحقوق والحريات) وأكثر من عشرين فقرة دستورية حرم الدستور التلاعب بها (( لا يكون تقييد اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه ، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية )) الا ان هناك مبدأ قانوني يقول ( الخاص يقيد العام ) وبالتالي فأن تلك المادة دستورية وملزمة لكنها تبقى تثير علامات الاستفهام..بل مثيرة للجدل .
المادة الثامنة
يرعى العراق مبدأ حسن الجوار ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى … )) ولعل الاردن دولة مستقلة وعضو في الامم المتحدة والجامعة العربية ولها دستورها الذي لم يحظر حزب البعث ، وهكذا فعل قانون الاحزاب الاردني ، وبالتالي لا يحق للعراق التدخل في خيارات المملكة الاردنية ودستورها وقوانينها .
الحصاد
البعث تأسس في مقهى الرشيد الصيفي بدمشق عام 1947 .. واستلم الحكم في قطرين عربيين لفترات طويلة وصارت له قيادتين قوميتين وفروع في كل الوطن العربي تقريبا ، وأن حظره في الدستور والنظام القانوني العراقي لا يرتب اثرا قانونيا على الاقطار الاخرى .. مع العرض ان هناك ثلاثة اقطار عربية حظرت الاحزاب الدينية ، ولم يتدخل احد في شؤونها
يبدو والله اعلم ان الغضب الذي حصل – عدا الحالة المستدامة والتي سببها عدم تقديم الجديد والفشل المعروف الذي اعترف به معظم الرموز السياسية على الشاشات كالسادة المالكي والعامري والحكيم وصولاغ- والبديل هو الظهور بمظهر المصارع وكأنهم اسقطوا البعث في العراق وليس بحربين عالميتين الاولى (33) دولة والثانية (3) دول بقيادة امريكا ، او كأن بريمر ليس هو الذي اجتث البعث حين يقول ” وصلت العراق ودخلت غرفتي وفتحت حقيبتي وأخرجت منها الأمر رقم (1) حل البعث والامر رقم (2) حل الجيش ، وكانت انجازاته هائلة حيث طبع عملة جديدة وسرق من الخزانة مليار دولار واستقل طائرته عائدا وهو يتغزل ببغداد . .. هذا السبب المستدام اما الطارئ فهو الهتافات لعدد محدود نسبيا من اعضاء في حزب غير مشمول بالنص الدستوري ” يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر “، وتعريف الاحزاب هو انها منضمات جماهيرية ، والاحزاب والصحف لا تعامل كالدول ، والدولة غير مسؤولة عنها لأنها حرة فيما تقول ، ولا يستدعي الامر استدعاء السفراء وغير ذلك فمثلا يمكن لأي حزب عراقي ان يقول لا لتدمير الحزام والطريق (طريق التنمية) من خلال سكة الشلامجة الايرانية ، او ما تخطط له بعض اقطار الخليج العربي وتركيا .. هذا الحلم العراقي العظيم يباع بهذه الطريقة .. على هذا وبمستوى هذا الامر ينبغي ان يغضب المسؤول ، وليس هتافات حزبية لعدد محدود .
طيب ان كان السبب هو الهتاف ؟؟ فهل هتف البعث السوري لعودة صدام ام كان معارضا ضد البعث في العراق وقدم الدعم المطلوب ، فلماذا تم حظره خلافا لدستورنا والدستور السوري ؟؟؟!!.. الا تتوقعون ان هذه الاجراءات وهذا الغضب قد يفسر تفسيرا آخر ليس في صالح النظام السياسي القائم بعد عشرين عاما من الاعدامات والسجون وقطع الارزاق وحجز ومصادرة الاموال والسب والقذف التي طالت البعث في العراق ؟؟
27/5/2023

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *