لا نعرف مصطلح اعمار المدن في العراق إلا بعد خرابها بالحروب الخارجية او الداخلية. لا أحد يتوقف عند الحاجة الاكيدة ليكون لدينا خطة في كل وزارة او محافظة لإعمار كل مفاصل الحياة في بلادنا، فقد تخرب في بضعة عقود كل شيء بأيد بشرية، أو بفعل خارجي، أو بالاستهلاك الصحيح، أو غير الصحيح، أو بالتقادم الزمني. أي مبنى عمره خمسون عاما أو أكثر علينا أن نراجع خرائط بنائه ونقدر مدى صموده وعمره الافتراضي، ونجد العلاجات اللازمة له حتى لو تطلب الامر هدمه، فالإعمار هو هدم وبناء.
علينا أن نبدأ من تخطيط المدن الذي غزته العشوائيات والمقاولات المغشوشة وجعلت وظيفة المدينة الحديثة من تسهيل أداء مهمات الانسان في العمل والحياة، شبكة من التعقيدات والنقص في الخدمات.
الاعمار يبدأ من الخطط المستشرفة للمستقبل والتي تعنى بتطور الحياة مع الزمن. لا ينبغي أن نبني بيوتاً قد هدمت من دون افق تصميمي لمدارس تستوعب الزيادات السكانية المحتملة في منطقة سكنية محددة لمدة معينة.
مراجعة الخطط الاستثمارية هي عملية اعمار ذاتية أساسية، لأن التأسيس سيقوم عليها.
التقصير الواضح ليس في الحكومات المركزية ببغداد، ولكن في إدارات مجالس المحافظات التي لا تقوم على برامج بناء ذات رؤية مستقبلية وان أعضاء مجالس المحافظات هم نتاجات حزبية قليلة الدراية والاحاطة بتطور المدن وبنائها لذلك نحتاج الى قيام المجالس الاستشارية من خبراء واكاديميين ، ولابأس التعاقد مع الكفاءات وأصحاب الرؤى المتقدمة من العراقيين في الخارج، إضافة الى خبرات أجنبية قليلة عند الضرورة القصوى في المجالات الخاصة .
كما ينبغي النظر بعين الاهتمام للمدن الكبيرة التي تلي مراكز المحافظات، اقصد الاقضية الكبيرة، التي تستوعب أعداداً هائلة من الناس ولا تزال سياقات حياتهم أقرب للطبيعة الريفية منها الى البناء الحضري والمديني المتقدم.
إنّ كل اعمار يجب أن يراعي بناء أحسن الصلات بين مراكز المدن ومحيطها الإنتاجي الزراعي والصناعي في ادامة الخدمات ووسائل الصلة والنقل. وهذا لا يكون عبر اجتهادات وموازنات جزئية، وانّما من خلال خطة تنمية خمسية في الأقل، لا تتأثر بتغير الحكومات