رئيس الحكومة لا يستطيع اقالة محافظ إلا بالرجوع الى البرلمان بأسباب مستحقة، حتى لو ازكمت روائح» المحافظ» الانوف، والحكومات المحلية وحدها تستطيع أن تفعل ذلك ولكنها لا تفعل، ثمة واقع غريب ومثير في الإدارات، وهو ما يحتاج الى الشمول بأي تعديل في الدستور.
والى هنا، الموضوع هو كفاءة المحافظين ونزاهتهم وطريقة تقييم أدائهم الوظيفي. هل تقوم مجالس المحافظات بمحاسبة المحافظين عن سير أعمالهم؟ متى يحدث هذا، وكيف؟ هناك سياق في النظر الى الأداء لكن مجالس المحافظات المشغولة بالتمسك بالمنصب والتوافقات والتحالفات تتحاشى وضع أي محافظ على “مشرحة” التقييم الا في حالات الصراع السياسي بين الزعامات التي تدير اللعبة من بغداد.
لقد شاهدت محافظاً «من جماعة صوّرني وأنا ما أدري» ينادي على عامل نظافة في الشارع العام ويخرج من جيبه عشرة الاف دينار عراقي أي اقل من سبعة دولارات ويعطيها اليه ليتلقى الدعاء والثناء، وكأنه منحه راتب شهر اضافياً او ثبته على الملاك الدائم. هذا “المحافظ” ومَن يسلك سلوكه الساذج الضحل يحاول التغطية على مهمات لم تنجز ومطالبات شعبية لم تتحقق وخطط بناء واعمار لا توجد شفافية في صرف أموالها.
إنّ المواطنين يعرفون ألعاب التمثيل الرديء ويفرزونها بسرعة، فلا أحد يستطيع أن يمضي طويلا بالضحك على ذقون الناس. ولكن الأوهام لاتزال تشتغل في العملية السياسية المتعبة التي تنسحب على المحافظين، مثل القول انّ المحافظ الفلاني كان من تعيين الامريكان والأخر من تعيين إيران والثالث من تعيين الجهة الفلانية، ولا أحد يستطيع المساس بهذا او ذاك، وهذا ليس له أساس من الصحة اذا أراد أصحاب الشأن التغيير وكشف أستار الزيف والأوهام التي يتغطّى بها هؤلاء. إنّ كثيراً من السياسيين يفيدون من هالات الأكاذيب التي يصنعها لهم المنتفعون الصغار حولهم، ويحاولون الترويج لهم بين الناس، لكن أجل ذلك قصير، وانّ “منصب” المحافظ هو من الرقي والنزاهة والعلو والوجاهة ما ينبغي أن نضع فيه الشخصيات التي تليق بتلك الصفات، مهما كانت الضغوط، ذلك انّ الناس لا يتوقفون كثيراً عند أعضاء مجالس المحافظات في حين انّ عيونهم تتابع أداء المحافظين وسيرهم الذاتية ومسارات عملهم الوظيفي.
المسؤولية الحقيقية تقع على اعضاء مجالس المحافظات الذين لا يعتمدون الأساليب الوظيفية الصحيحة ويُلغبون عليها المصالح الحزبية، في النظر الى المنجز وغير المنجز والتكاليف الحقيقية والهدر الحاصل في المشاريع والامتيازات الخارجة عن سياق المناقصات القانونية والمتسربة من الاجتماعات المغلقة