.. .. .. .. .. ..كَانَ فِي رُومَا اَلْقَدِيمَةِ ، مَلِكٌ أَبْلَهَ لَكِنَّهُ فَاسِدٌ إِلَى حَدِّ اَلنُّخَاعِ ، وَكَانَ أَهْلُ رُومَا فِي ضَنْكٍ وَفَقْرٍ لِكَثْرَةِ اَلضَّرَائِبِ ، وَمِنْ جَرَّاءَ اِسْتِيلَاءَهُ عَلَى مَرْدُوَادَتَهَمْ . . . .. كَانَ أَحَدُ اَلْخَيَّاطِينَ قَدْ أَرَادَ أَنْ يُوَقِّعَ اَلْمَلِكُ ب شَرُّ أَعْمَالِهِ ، فَاقْتَرَحَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْصِلَ وَيَخِيطُ لَهُ بَدْلَةٌ شَفَّافَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ ، لَا يَرَوْنَ اَلنَّاسُ مِنْ خِلَالِهَا جَسَدُ اَلْمَلِكِ اَلْمُعَظَّمِ ، لَكِنَّهَا تُحَافِظُ عَلَى اَلْمَلِكِ مِنْ حُرٍّ اَلصَّيْفِ وَبَرَدْ اَلشِّتَاءِ . . قَامَ اَلْخِيَاطْ وَفَرِيقُهُ بِالتَّمْثِيلِ عَلَى اَلْمَلِكِ ، فِي خِيَاطَةِ بَدْلَةٍ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ وَيُلْبَسُوهَا لِلْمَلِكِ وَيَسْأَلُوهُ عَنْ سِعَتِهَا وَضِيقِهَا ، وَالْمَلِكُ يُجِيبُ ، حَتَّى إِنَّ اَلْحَاشِيَةَ اَلْمُنَافِقَةَ ، أَكَّدَتْ لِلْمَلِكِ أَنَّ بَدْلَتَهُ اَلشَّفَّافَةَ جِدًّا جَمِيلَةً وَأَنَّهُمْ يُحِسُّونَ بِهَا رَغْمَ أَنَّهُمْ لَا يَرْوِهَا . . قَامَ اَلْخِيَاطْ بِإِشَاعَةٍ بَيْنَ أَهَالِي رُومَا مِنْ أَنَّ اَلْمَلِكَ سَيَخْرُجُ عَارِيًا لِلِاسْتِهَانَةِ بِهُمْ . . عِنْدَمَا خَرَجَ اَلْمَلِكُ عَارِيًا ” ، مَخْدُوعًا بِأَنَّهُ يَرْتَدِي بَدْلَةً سِحْرِيَّةً لَا يَرَاهَا أَحَدٌ ، جَامَلَهُ اَلْمُنَافِقِينَ مِنْ اَلْحَاشِيَةِ بِالْإِطْرَاءِ وَالتَّفْخِيمِ لِبَدْلَةِ اَلْمُلْكِ . . . إِلَّا أَنَّ اَلنَّاسَ اِنْقَلَبَتْ عَلَيْهِ . . قَرْرُو أَهْلُ رُومَا بَعْدَ أَنْ اِنْقَلَبُوا عَنْ اَلْمَلِكِ وَحَاشِيَتُهُ ، أَنْ يَقُومَ أَهْلُ اَلْمِهَنِ ( اَلتُّكْنُوقْرَاطُ ) بِإِدَارَةِ حُكُومَتِهِمْ ، فَصَارَ اَلْبِنَاءُ وَزِيرَ اَلْإِسْكَانِ ، وَصَاحِبَ اَلْمَطْعَمِ وَزِير لِلتَّمْوِينِ ، وَالرَّاقِصَةُ وَزِيرَةً لِلْفُنُونِ وَالسِّيَاحَةِ ، وَالْبَلْطَجِيُّ وَزِيرًا لِلدَّاخِلِيَّةِ ، وَالصَّرَّافُ وَزِيرٌ لِلْمَالِيَّةِ ، وَكَبِيرَ اَلْفَلَّاحِينَ وَزِيرًا ” لِلزِّرَاعَةِ ، وَجَعَلُوا حَارِسَ اَلْمَدِينَةِ وَزِيرًا ” لِلدِّفَاعِ ، وَالزَّبَّالُ أَمِينُ بَلَدِيَّةِ رُومَا . . . .. ..لَمْ تَدُمْ حُكُومَةُ اَلتُّكْنُوقْرَاطِ طَوِيلاً ” ، لَانَ رُومَا اَلْغَارِقَةَ بِالْفَسَادِ وَالْمَحْسُوبِيَّةِ ، وَاَلَّتِي تَمْلِكُهَا حَوَاشِي تَمْلِكُ اَلْمَالَ وَالذَّهَبَ وَالْأَرَاضِيَ وَالْخُيُولَ ، جَمَعَتْ نَفْسُهَا لِتَنْقَلِبَ عَلَى حُكُومَةِ اَلتُّكْنُوقْرَاطِ اَلسِّلْمِيَّةِ ، صَاحِبَةُ اَلنَّوَايَا اَلْحَسَنَةِ . . . عَادَ اَلْمَلِكُ اَلْخَمَّاطْ ، وَتَمَّ سِجْنُ وُزَرَاءِ حُكُومَةِ اَلتُّكْنُوقْرَاطِ ، وَإِعْدَامَ اَلْخِيَاطْ . . تَذَكَّرَتْ هَذِهِ اَلْقِصَّةِ ، وَأَنَا اَتَامِلْ أَطْفَالِ لَمِّ يَبْلَغُو اَلْخَمْسَ سَنَوَاتٍ يَبِيعُونَ اَلْمَاءُ ، وَبَنَاتٍ لَمْ يَتَجَاوَزْنَ اَلثَّانِيَةُ عَشَرَ مِنْ اَلْعُمْرِ يَمْسَحْنَ زُجَاجُ اَلسَّيَّارَاتِ أَوْ يَبِيعنَ اَلْكَلِينْكِسْ ، أَمَّا اَلسَّيِّدَاتُ اَلْكَبِيرَاتُ فِي اَلسِّنِّ اَلَّذِينَ يَقْضِينَ يَوْمُهُنَّ تَحْتَ شَمْسِ اَلْعِرَاقِ اَلْجَهَنَّمِيَّةِ تَسَوُّلاً ” وَتَذْكِيرًا ” بِظُلْمِ اَلْحُكُومَةِ وَإِهْمَالِهَا اَلرَّعِيَّةَ . . . .. عِنْدَمَا تَحَدَّثَتْ مَعَ خَبِيرٍ مَالِيٍّ حَوْلَ اَلْمُوَازَنَةِ وَإِدَارَةِ اَلْمَالِ اَلْعَامِّ وَقَانُونِ اَلْمُوَازَنَةِ ، أُصِبْتُ بِالْإِحْبَاطِ لِأَنَّ مَجْمُوعَ رَوَاتِبِ اَلرِّئَاسَاتِ اَلثَّلَاثِ وَالنُّوَّاب وَالْوُزَرَاءِ وَالْهَيْئَاتِ وَمَجَالِسِ اَلْمُحَافَظَاتِ وَامْتِيَازَاتِهِمْ بِالْإِضَافَةِ إِلَى اَلدَّرَجَاتِ اَلْخَاصَّةِ رَقْمِ لَا يُمْكِنُ تَصْدِيقُهُ ، وَكَافِي لَوْ أَخَذْنَا مِنْهُ 75% لِحَلِّ مَشَاكِلِ مُهِمَّةِ اَلْعِرَاقِ . . . . .. أَقُولُ : يَاحَكَامَنَا اَلْإِسْلَامِينَ خُذُوا رَاتِب يُعَادِلُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ اَلرَّسُولُ ( ص ) أَوْ عَلِي ( ع ) ، أَوْ عُمْرٍ ( رَضٌّ ) ، أَوْ أَبُو بَكْرْ ( رَضٌّ ) أَوْ عُثْمَانْ ( رَضٌّ ) وَوُو . . . . وَأَنْتُمْ أَيُّهَا اَلْعَلْمَانِيُّونَ خُذُوا رَاتِبًا ” يُعَادِلُ أَقْرَانُكُمْ فِي أَمْرِيكَا أَوْ رُوسْيَا أَوْ اَلصِّينِ أَوْ اَلنَّرْوِيج أَوْ مَالِيزْيَا أَوْ أَيِّ دُوَلٍ . تَظُنُّونَ تَمْنَحُ رَوَاتِبَ مُتَمَيِّزَةً لِمَسْؤُولِيهَا . . . . يَاحَكَامَنَا اَلْمُبَجَّلِينَ ، اِتَّقَوْا اَللَّهُ فِي اَلْعِرَاقِيِّينَ ، اَلْمَظْلُومِينَ ، اَلْمُهَجَّرِينَ فِي وَطَنِنَا وَأَنْفُسَنَا ، اَلْمُشَتَّتِينَ فِي اِنْتِمَاءَنَا وَعُقُولَنَا ، اَلتَّائِهُونَ فِي دَوْلَتِنَا وَاخْتِيَارَاتِنَا ، اَلْمُسْتَشْهِدُونَ فِي مَرَاقِدنَا وَمَسَاجِدُنَا وَمُخَيَّمَاتُنَا وَأَفْكَارُنَا . . . . كُلُّنَا نَبْحَثُ عَنْ اَلْأَمَلِ وَجَادَّةً اَلْحَقِّ لِنَرَى اَلْحَلَّ وَالْخَلَاصَ مِنْ *حَاكِمٍ مُخْلِصٍ* وَلَيْسَ مِنْ *مُخِّ لِصٍّ* . . قَالَ لِي أَحَدِ اَلْفَاسِدِينَ عِنْدَمَا فَضَحَتْ فَسَادَهُ : *كُنَّ سَمَكَةً* . . وَيُقْصَدَ أَنَّ *اَلسَّمَكَةَ تَبْقَى فِي أَمَانِ عِنْدَمَا تُغْلِقُ فَمَهَا ، لَانَ فَمُهَا اَلْمَفْتُوحُ سَيَصْطَادُهُ كِلَاب اَلصَّيَّادِ* . . . *وَالسَّمَكُ لَا يَتَمَتَّعُ بِذَاكِرَةٍ ، لِأَنَّهُ يَمْسَحُ ذَاكِرَتَهُ بَعْدَ بِضْعِ دَقَائِقَ* . . .. .. اَللَّهُمَّ إِنَّنَا نَشْكُو ضَعْفُنَا وَهْمُنَا وَآلَمَنَا وَهَوَانَ اَلْفَاسِدِينَ عَلَيْنَا . . اَللَّهُمَّ مُدُنًا بِقُوَّةٍ لَا تَصَدٍّ ، وَفِكْر لَا يَرُدُّ . . أَنَّكَ اَلْوَاحِدُ اَلْأَحَدَ . .. .. .. .. اَلْبُرُوفِيسُور د . ضِيَاءُ وَاجِدْ اَلْمُهَنْدِسُ . . مَجْلِسُ اَلْخُبَرَاءِ اَلْعِرَاقِيِّ