يتساءل‭ ‬عراقيون‭ ‬كثر‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وفي‭ ‬جلساتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬واتصالاتهم‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الحامل‭ ‬لقضايا‭ ‬الشعب‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬خلافات‭ ‬شديدة‭ ‬وينشغل‭ ‬في‭ ‬مخاضات‭ ‬قضية‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬شهور‭ ‬طويلة‭ ‬هي‭ ‬إقرار‭ ‬الموازنة‭ ‬المالية‭.‬

وكأن‭ ‬الجدل‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬تمويل‭ ‬وادي‭ ‬سيلكون‭ ‬بحر‭ ‬النجف‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬بناء‭ ‬المدينة‭ ‬الفضائية‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬الناصرية،‭ ‬أو‭ ‬المفاعل‭ ‬النووي‭ ‬العملاق‭ ‬لتغذية‭ ‬كهرباء‭ ‬البلاد،‭ ‬أو‭ ‬الخط‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬أسطوانة‭ ‬الانزلاق‭ ‬للنقل‭ ‬فائق‭ ‬السرعة‭ ‬من‭ ‬زاخو‭ ‬الى‭ ‬ميناء‭ ‬الفاو،‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬الرقائق‭ ‬الالكترونية‭ ‬الذي‭ ‬يزود‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬لصناعة‭ ‬السيارات‭ ‬والهواتف‭ ‬النقالة‭ ‬والكومبيوترات‭. ‬وذلك‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬عظمته‭ ‬ليس‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬العراق‭ ‬البلد‭ ‬النفطي‭ ‬الغني‭ ‬وصاحب‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬النوعية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التاريخ،‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬طبقة‭ ‬سياسية‭ ‬تفكر‭ ‬بمستقبله‭ ‬وليس‭ ‬بجيوبها‭ ‬ومحسوبياتها‭.‬

نريد‭ ‬ان‭ ‬يكاشف‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬بنقاط‭ ‬الخلاف،‭ ‬وأين‭ ‬تقع‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬للأحزاب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الموازنة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬سيرتبط‭ ‬بها‭ ‬البلد‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬مقبلة‭.‬

لماذا‭ ‬يسكت‭ ‬النواب‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬الخلافات‭ ‬ويهتمون‭ ‬بتصريحات‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬ولا‭ ‬تؤخر‭ ‬حول‭ ‬وجود‭ ‬خلاف‭ ‬ومتى‭ ‬تجري‭ ‬جلسة‭ ‬التصويت،‭ ‬وكيف‭ ‬جرى‭ ‬تمديد‭ ‬جلسة‭ ‬الجمعة‭ ‬بعد‭ ‬إقرار‭ ‬جزئي‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬بنود‭ ‬الموازنة‭.‬

دائما،‭ ‬خلافات‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬ترتكز‭ ‬حول‭ ‬المال‭ ‬قبل‭ ‬نوع‭ ‬المناصب‭ ‬المراد‭ ‬الحصول‭ ‬عليها،‭ ‬وكم‭ ‬وشهدنا‭ ‬تخلي‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬عن‭ ‬وزارات‭ ‬بعد‭ ‬استنفاد‭ ‬الحلب‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬انّ‭ ‬همّها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نفعها‭.‬

لا‭ ‬فرحة‭ ‬كبيرة‭ ‬للعراقيين‭ ‬من‭ ‬إقرار‭ ‬الموازنة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬ضمانات‭ ‬حقيقية‭ ‬معلنة‭ ‬ومحمية‭ ‬لجعلها‭ ‬آمنة‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬الفاسدين،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يتسلل‭ ‬الفاسدون‭ ‬قبل‭ ‬إقرار‭ ‬الموازنة‭ ‬الى‭ ‬مشاريعها‭ ‬المنتظرة‭.‬

سيخرج‭ ‬برلمانيون‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاكمام‭ ‬الطويلة‭ ‬او‭ ‬القصيرة‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬الاعلام‭ ‬ليتحدثوا‭ ‬عن‭ ‬بطولة‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬الضبابي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬الشعب‭ ‬كيف‭ ‬سيجري‭ ‬التصرف‭ ‬به‭.‬

‭ ‬الحساب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عسيراً‭ ‬لا‭ ‬رحمة‭ ‬فيه‭ ‬لأية‭ ‬حكومة‭ ‬في‭ ‬سدة‭ ‬السلطة‭ ‬حول‭ ‬تصريف‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭ ‬بهذه‭ ‬الموازنة‭ ‬التي‭ ‬لابدّ‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬جزء‭ ‬للجيل‭ ‬المقبل‭ ‬الذي‭ ‬نأكل‭ ‬ثروته‭ ‬مقدماً‭.‬

تذكروا‭ ‬دائماً‭ ‬انّ‭ ‬الخلافات‭ ‬ليست‭ ‬حول‭ ‬مدينة‭ ‬وادي‭ ‬سيلكون‭ ‬بحر‭ ‬النجف‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *