الكاتب عامر القيسي
ربما اكون من القلائل الذين يعتبرون الموقف الاميركي من الغزو الروسي لاوكرانيا ، موقفا منسجما مع أهدافها في مآلات هذه الحرب التي كانت متوقعة منذ اشهر ، بل ان الرئيس الاميركي حدد ساعة الصفر لانطلاقها قبل يومين من لعلعة الرصاص ودوي المدافع .
عندما انسحبت اميركا من افغانستان ، اعتبر الكثير من المحللين ، ضيّقي الافق، ان الكاوبوي الاميركي قد هزّمته عمامة طالبان ، رغم ان مشهد الانسحاب وطريقته كانت تؤشر الى اتفاق يقضي بدور جديد لطالبان يتمثل بانشغال نوعي لايران من خلال مساحة التضييف عليها بانشاء جار حر التصرف على حدودها الشمالية ، جار غير مؤتمن بل جار مريب مخالف في الفكر والتوجه والاهداف ، وهو انشغال ايراني سيخفف ضغطها في العراق والخليج العربي ومفاوضات الملف النووي .
مع الاتحاد السوفيتي ” سابقا” الدولة الكبرى أشغل الكاوبوي الاميركي الدب الروسي بسباق تسلح رهيب أهلك اقتصاده ، وبمساحة التزامات فكرية وسياسية للكثير من دول العالم ” الثالث ” وحركات التحرر والحروب الموضعية مع اسرائيل ، هذا التسابق والالتزامات اديا ، مع عوامل داخلية كثيرة ، الى انهيار الاتحاد السوفيتي وانقسامه الى 22 جمهورية وخروجه من ملعب القطبين ليصبح الملعب اميركياً بامتياز مع صلاحيات محدودة للجمهور !
اليوم يذهب الدب الروسي مرحاً الى فخ الكاوبوي في اوكرانيا متحدياً كل التحذيرات الاوربية التي تعرف تماماً مخاطر ومشكلات اندلاع حرب على حدودها الجنوبية والشرقية .
هذا الذهاب الذي سيجعل الجيش الروسي بكل امكانياته ليس طريدة للجيش الاوكراني ، فلا مجال للمقارنة بين امكانيات الجيشين ، بل للمقاومة الشعبية التي تندلع في مواجهته مدعومة من اميركا وأوربا بعيدا عن الخوض في حرب مواجهة غير مرغوب بها من كل الاطراف ، بما في ذلك الرئيس الاوكراني الذي قال ، لانريد من يحارب عنّا بالنيابة بل نحتاج الى الدعم ونحن نتكفل بمهمة اذلال الدب الروسي !
بوتين اشعل نار الحرب ولن يستطيع الا المضي الى نهايتها بدخول العاصمة كييف واسقاط النظام فيها وحينها عليه ان يتدبر امره مع مقاومة شعبية مسلحة مدعومة بقوة من أميركا وأوربا مع سلسلة قاسية من العقوبات سيئن الاقتصاد الروسي الضعيف من نتائجها الكارثية !
هل كان الرئيس الوسي بوتين غبياً الى درجة انجراره الى فخ الكاوبوي وتحمل نتائج السقوط فيه ؟
هذا ما ستجيب عليه الاحداث المتسارعة ، خصوصا وان الكاوبوي الاميركي ينتظر بفارغ الصبر دخول الروس الى كييف وحينها تبدأ حرب الاستنزاف الحقيقية التي تعيد الذاكرة لبوتين باجتياح افغانستان عام 1979 والانسحاب المذل عام 1988 ، فهل يتكرر المشهد بخارطة صراعات جديدة في نتائجها اميركيا وروسيا واوربيا ، بل حتى شرق اوسطياً ؟
لننتظر ونرى ماتؤول اليه حرب الكاوبوي الاميركي والدب الروسي !