ــــــــــــــــــــــــ
يهرب الطّريق الاسفلتيّ من المدينة
ويختبئ، كرجل حر، في الغابة
لكنّ سيّارات الشّرطة
تطاردُهُ،
تقبض عليه متلبّسا بالعابرين
ثمّ تقتادُهُ إلى مدينة أخرى…
وحيدةً،
تعود الغابة من منتصف الطّريق
إلى ضفّة النّهر!!
تَرشُّ أشجارَها بالعصافير،
تُزيّن وجهها بقبلات السّناجب،
تضع غسقا خفيفا على شفتيها،
تتوسّد مجرى النّهر
وتحاول أن تقصّ حكايات مثيرة على مسامع الماء
حتّى لا يختلق لها الماء
نهاية عاديّة
في صباح اليوم التّالي!
كانت أصابعي تتحرّش بورقة بيضاء
حين حدّثني شبّاك وحيد
لا يُطلّ إلّا على حائط
ولم ير، يوما، غابة و لا نهرا
ولا عَبَرَ طريقا اسفلتيّا
حكاية الماء “الشّهريار” والغابة “الشّهرزاد”!
الحانة كانت تضحكُ
من الوحوحة المكتومة للورقة البيضاء
ومن شاعر نسيه الرّفاق، وحيدا، في حزنه
فوضع حذاءه على الطّاولة
وأخذ يحدّثه عن قصيدة النّثر في ما بعد بعد بعد الحداثة،
عن امرأة من قصائد لا ترتكب إثم قراءة الشّعراء،
عن وجهه الذي هاجر إلى شيخوخة مبكّرة
وعن الشّبّاك الأعمى
الذي مازال يُصرُّ أنّ الغابة
كانت تعتقد أنّ الطّريق الاسفلتيّ
نهرٌ ماؤه أسود!
تتقيّأ الحانة، دفعة واحدة، تسعة سكارى
ثم تمسح حزنهم و ضحكهم، عن فمها، بضوء خافت!
الورقة البيضاء،
للمرّة الثّالثة،
تبصق في وجه أصابعي
فيمسح وجهه
الشّاعر الذي مازال يحاول إقناع حذائه
أنّ العالم حفلة حزن كبيرة
وأنّ الشّعر الذي لا يصلُحُ للغناء
قد يصلُحُ لممارسة البكاء بشكل جماعيّ
مع التّصفيق الطّويل
ومع احتمال أن يمنحك أحدهم:
علبة سجائر،
سندويتش “شاورما”
و أربع زجاجات بيرّة اضافيّة
تجعلك تتبوّل كلّ ذاكرتك
على الورقة البيضاء
وتدّعي أنّ ذلك
قصيدة نثر ما بعد بعد بعد الحداثة!
عندما
صرخت الورقة البيضاء و النّادلة
من غضب أصابعي العنينة
بصقتني الحانة
من الشّباك الأعمى
إلى الرّصيف الذي كان يتسوّل
من أعمدة الإنارة
عتمة قليلة
لينام…
…
هل يتذكّر أحدكم أين تركتُ حذائي، ليلة البارحة؟!!!