نسمع باستمرار عن تجاوزات لم يعهدها قطاع التربية والتعليم على المعلمين والمدرسين لاسيما في المدارس المتوسطة والثانوية، وأحياناً تقوم أهالي الطلبة بالإغارة على المدرسة ومديرها والمعلمين فيها من اجل درجة او نجاح أو دوام أو واجب بيتي أو نشاط مدرسي أو سوى ذلك. قبل يومين هجم طالب على مدرس بقامة وضربه في احدى المدن، وقبلها تم الاعتداء على مديرة مدرسة وجرى تهديدها في بغداد، والمسألة ليست جديدة في العقدين الأخيرين، إذ ينعكس التدهور في قطاع التربية والتعليم على السلوك العام للطلبة في ظل أجواء عامة خارج المدرسة لا تسود فيها قيم العدالة والمواطنة الصالحة، وتحل مكانها مراكز النفوذ المختلفة تبعا للمناطق الجغرافية، وما تجرّ من مسارات خاطئة.
لابدّ من اصدار قوانين جديدة تخص حماية العاملين في قطاع التربية والتعليم، ولابدّ أن تكون هناك حملات توعية تخصص لها موازنات حكومية في الاعلام المقروء والمرئي من أجل إعادة الاعتبار للمعلم أولاً بوصفه اللبنة الأساس التي يقوم عليها بناء التلميذ، ومن ثمّ سياق التربية المجتمعية.
إشاعة مفاهيم الاحترام واستعادة شواهد الماضي في تاريخ التربية والتعليم في العراق من حيث تسليط الضوء على المكانة الاعتبارية العالية للمعلمين في المجتمع، انّما هي أمور ضرورية لتكريس حالة الاحترام وجعل المعلم قدوة، ولكن هذا الامر يتطلب قبل كل شيء طرقاً صحيحة في اعداد المعلمين وتخريجهم مع دورات تخصصية للعناية بهم من نواح نفسية وتثقيفية واسلوبية عامة، وأن تخصص وزارة التربية موازنات داعمة للدورات التأهيلية التي يجب ان تشمل جميع المعلمين في البلد، وان يكون شرط حصولهم على لقب معلم هو اجتياز دورات التأهيل بعد التخرج وممارسة المهنة سنتين، وليس قبل ذلك، ولا بأس ان تكون بعض الدورات في الخارج منم خلال الاتفاقيات التربوية مع دول صديقة، لأنّ المعلم مهنة سامية لا تقل أهميتها عن لقب المهندس او الطبيب وينبغي تحديث وسائلها وادواتها وتقنياتها.
انّ التخرج من معاهد المعلمين او كليات التربية لا يوفر لقب المعلم والمدرس اوتوماتيكياً، ولابدّ من وقفات تعزيز ثقافة وبناء المتخرج بما يدعم مهنته الجديدة حتى لو كان قد زاولها منذ سنوات قليلة ، اذ انّ دورات التأهيل هي المصفى الذي تعبر منع الكفاءات التي تقود الى تكريس النماذج الصحيحة لمن يحمل لقب معلم