الكاتب عمر الناصر

كاتب وباحث سياسي

 

الحزيث الشريف يقول “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ” اعتقد بأن هذه الجملة ربما تكفي وتختصر الكثير من الكلام الذي يود اي مواطن عراقي ان يعبر من خلاله عن جزء من معاناته، التي تسببت الطبقة السياسية في تحويل احلامه من وردية الى رمادية، وليس فقط القائمين على هذا الموضوع فقط من يشارك بكل هذه المأساة ، بل يشاطرهم الخطأ اؤلئك الذين هم من الاغلبية الصامته التي قد اكون انا منهم، لاننا فقدنا الامل تماما بحلول الارض و لا زلنا ننتظر حلول السماء كما فعلت ايطاليا مع جائحة كورونا، لانه ببساطة اذا اردتم الولوج و الاطلاع لاعماق شخصية اي مواطن ستجدوا لديه من العقد النفسية ماتكفي لان تجعله يذهب الى خيارات عديدة منها الانتحار، حتى وان كانت وراء ذلك اسباب تافهة ، فتحول منهم الى محترف في السرقة وتجارة المخدرات، ومنهم من يتعاطاها كي يكون مغيّب تماما عن الواقع ليس في كامل وعيه، على اعتبار ان الوضع الطبيعي له هو ان يكون مسطول و “منَسم” طول الوقت على رأي اخواننا اصحاب مجالس الكيف.

 

وبما ان فخامتكم الحامي الاول للدستور، اود التذكير بأحكام المادة ٢٨/اولاً من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم ٥٠ الصادر عام ٢٠١٧ التي تقضي بأن تصل عقوبة تجارة المخدرات الى السجن المؤبد او المؤقت او غرامة لاتقل عن (١٠،٠٠٠،٠٠٠) عشر ملاين دينار ولاتزيد عن (٣٠،٠٠٠،٠٠٠) ثلاثين مليون دينار ، وقد قال القضاء كلمته الفصل بهذا الموضوع ، فهل ياترى يعلم فخامة رئيس الجمهورية ان قرار العفو الذي اصدره يراه البعض ربما يكون هو المسمار الاخير الذي سيدق في نعش الثقة الموجودة بينكم وبين الشعب؟ وهل يعلم فخامة الرئيس بأن الشارع اليوم اصبح يرى تدوير الطبقة السياسية القابضة على السلطة لم يعد لها لون ولا طعم ولا رائحة ؟ لانهم يأخذوننا الى حيث يريدون، ونذهب معهم الى حيث يشاءون !؟

 

سيدي الرئيس … مارأيك لو تجولت في طرقات بغداد كسائق تاكسي كما فعل رئيس وزراء النرويج ،لتطلع على واقع المواطن ولتعيش معاناته كما يعيشها هو من اجل ان تتلمس بنفسك انينه واوجاعه، او حتى بزي متنكر كما يفعل بعض رؤساء الدول الاخرى، اولاً لتخرج قليلاً من جو السياسة ، و لتتعرف على اصدقاء جدد اكثر وفاءاً من اصدقاء السياسة، لاني وحسب علمي اننا نحتاج دوماً اتغيير الجو والنفسية المتعبة، على اعتبار ان الكأبة قد تصيب الكثير من الوجوه السياسية اذا ما تكررت لقاءاتها سوية ، والسبب الاخر من اجل الاطلاع على واقع ازقة العاصمة البائس المليء بالحفر وبالفقراء والمحرومين ، ولترى بنفسك الوجه الحقيقي لاحياء بغداد ومقارنتها مع السليمانية واربيل.

 

سيدي الرئيس … ماذا لو تبضعت من دكان صغير او فكرت بالجلوس في مقهى شعبي متواضع لكي تستمع لبعض الحوادث ، وربما تنزعج او تستمتع ببعض الحقائق التي لم يطلع عليها فخامتكم من قبل ، على اعتبار بأن مساحة الحركة للسياسيين تتناسب بصورة طردية مع حجم المنصب والمسؤولية، وكلما كبرت الاخيرة كلما اصبحت الحرية ضيقة اكثر ،ولا يمكن لها ان تكون حياة طبيعية كحال بقية المواطنين العاديين، واصدقك القول وبصراحة اننا سعداء جدا رغم ضنك العيش لاننا لا تقيدنا الحمايات ونجلس حيث نشاء ونتحرك بحرية مطلقة، نكتب ونعلق ونتواصل دون قيد او شرط.

 

 

 

ادعوك ياسيدي بأن نكسر الحاجز الموجود بين المواطن والمسؤول ، لنجلس سوية في مقهى رضا علوان، وسترى بأننا لن نستطيع ان نسترسل بحديثنا لاسباب عديدة منها ،وجود بعض الذين سينشغلون معكم لالتقاط الصور ، وقد يستغل البعض الاخر فرصة تواجدنا لتكون له فرصة ذهبية بأن يتوسلك بأن تطلق سراح والده او ابنه المتهم بقضية سرقة باكيت كلينكس او رغيف خبز، وهو لا يعلم بأن الدستور لايجيز ذلك وفخامتكم حامي له، من خلال ذلك نستطيع ان نكسر النمطية وازالة الفجوة الموجودة بين المواطن والمسؤول، على اعتبار ان الكثير من الحاشية الموجودة غير امينة بنقل الحقائق وليس لها علم او اطلاع بما يجري خلف الكواليس ،كونهم منشغلين بحفلات الرقص والطرب والغناء ولا ينقلون الحقائق بحرفية لصناع القرار .

 

ما اود ان اختم به رسالتي هو ان محاولة بعض الاطراف السياسية اقحام رئيس الجمهورية بقضايا محلية اجرامية او جنائية تافهة، هو اضعاف لدور العراق ومكانته في محيطه العربي والاقليمي ، لاسيما ان دول العالم المتحضر ترى موضوع تجارة المخدرات هو اخلال حقيقي وخطر يضرب عمق السمعة الدولية ، خصوصاً وان هنالك فرق رصد ومراقبة اعلامية تحاول تجيير مثل هذه الملفات لضرب الخصوم سياسياً واجتماعياً، ولا اعتقد بأن سفينة فخامتكم قادرة اليوم تستطيع الصمود امام رشقات مياة بواخر الاعلام الاصفر العملاقة، وسط هذا البحر المتلاطم من امواج التسقيط، اذا ما تم تسليط الضوء على قرار اطلاق سراح شخصية قد تم ادانتها من قبل القضاء العراقي ، وبالتالي ان كان رئيس الجمهورية يعلم باطلاق سراح المدان فتلك مصيبة وان كان لا يعلم فالمصيبة اعظم .

 

انتهى ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *