الاستاذ علاء حمد
………
إنّ حركة الدال الذي يتعلق بالمنظور الخارجي له حركته المنظورة نحو الأشياء ونقل الصوت، أيّ أنّ هناك واقعا صوتيا؛ ومن خلال الأشياء الحسية نلاحظ أيضا أن الدال يشكل علاقة منظورة، وهذه العلاقة تقودنا إلى المنظور الداخلي حيث تشكل حركة المدلول. طالما أنّنا مع تفاصيل الأشياء، فإنّنا في منطقة الدال من ناحية الأشياء المنظورة الخارجية؛ ولكن في نفس الوقت إنّ الأشياء شمولية، فمنها المادية ومنها غير المادية، ومنها المحسوسة أيضا والأشياء غير المحسوسة ويذهب بنا مارتن هيدغر إلى علاقة الشيء بزمنه أيضا، حيث أنّ بعض الأشياء يتجاوزها الشاعر عندما يتجاوز زمنها، فعلاقة الشيء تصبح علاقة زمنية ( إنّنا نسمي الزمان عندما نقول لكلّ شيء زمنه. يعني أنّ هذا: كلّ مايكون، وكلّ موجود يأتي ويذهب في عدّ الزمان ويبقى زمنا أو مدة زمنية خلال الزمن الملائم له. إنّ لكلّ شيء زمنه. لكن، هل الوجود شيء؟ هل الوجود هكذا كما بقية الموجودات في الزمان؟ أيكون الوجود بالعموم؟ لو أنّه يكون لتوجب علينا أنّ نقرّ به بوصفه شيئا ما موجودا، وبالتالي لتوجب علينا أن نجده بين بقية الموجودات من حيث هو موجود. ” ” ). نعم فالوجود الشعري من الموجودات، وكلّ نصّ في زمانه، وعملية التواصل والربط الزمني، حضور المتعلقات ( إن كانت الماضوية ) تحضر بصفة آنية، وإن كانت حاضرة، فهي العلاقة الآنية بين الفعل الحاضر والفعل الماضي، وبين الفعل الحاضر والفعل المستقبلي.
كلانا يملك عصا
أنا والأيّام
غير أنّ عصاي أتوكأ عليها
وأهشّ بها على ألمي
بينما عصا الأيام
تلكزني كلما حاولت
التقاط صورة شخصية
مع الفرح
قصيدة: عصا – ص 17 – هكذا أخبرني الظلّ
ليس هناك نصّ خارج الأشياء مهما تكون توجهات النصّ وما يحتويه من معاني أو ملابسات أو غموض، فالأشياء هي الوسيلة الإشارية الرئيسية في النصوص، ومنها النصوص الجامعة والنصوص التي تنتجها المتعلقات الذاتية الانفرادية، فالمهم أكثر من الأهمية، والأهمية هي تلك النصوص التي يكون لفعل الإثارة الخاصية الكبرى كأن يكون ضمن عناصر الدهشة وتعددها أو اللغة الغرائبية والتعجبية وتعدد اللغات في النصّ الواحد؛ وتتميز الأشياء أيضا بأنها تتجه نحو الإبدال الموضوعي والذي يشكل الفاصل المنظور في البناء النصّي وإحدى دعائمه المختلفة.
كلانا يملك عصا + أنا والأيّام + غير أنّ عصاي أتوكأ عليها + وأهشّ بها على ألمي + بينما عصا الأيام + تلكزني كلما حاولت + التقاط صورة شخصية + مع الفرح
نتجه إلى حركة الدال، فتعدد الدوال في النصّ الواحد؛ هو تعدد الأشياء؛ لذلك لانستهين بحركة المتخيل، فحركته هي إيجاد المساحة المطلوبة للخيال؛ ومن هنا تبدأ عملية المؤثرات الحادة. فالعصا التي تخيلها الشاعر العراقي نعمة حسن علوان، كانت من الأشياء، وكذلك الألم والأيام والفرح والصور الشخصية، كلها من الأشياء الدالة، ومن هنا كان الربط الذي اعتمده الشاعر ربطا دلاليا بوظائف شيئية التي كان بعضها ضمن الأشياء الملموسة والمنظورة، وبعضها لايمكننا الإمساك به، مثلا مفردة ( اليوم ) فتعد من الأشياء ولكن لانستطيع أن نراه أو نمسك به.
نتجه نحو خلفية الأفعال التوظيفية، فقد وظف الشاعر بعض الأفعال الانتقالية والحركية، وكان لها الفعالية في توجيه الأشياء نحو الأثر المترابط في الجملة الشعرية، فالأفعال: أتوكأ وأهشّ وتلكز، كلها أفعال حركية أراد منها الشاعرالمعاني المستقلة التي تحويها، ومن خلال هذا المنظور لاحظنا أن لحركة الفعل خاصية نشر المعاني وتأثيرها على الجملة كمعنى عام.
…
..
جزء من مقالة طويلة لكتاب قبعة اللامحدود..