الكاتب محمد فخري المولى
كل عام والمعلم بالف خير
بهذه المناسبة أتقدم لكل معلمينا الأحياء منهم والأموات بالشكر والثناء لان لكل منهم بصمة ببناء رؤيتنا ومنهجنا وما نحن عليه اليوم .
ابتدئنا مشوار عملنا كباحثين تربويين ثم مضينا بطريق الإدارة والتخطيط الاستراتيجي فيما بعد .
ساطع الحصري ابو خلدون رحمه الله ارتبطت معه من خلال الخلدونية تلك الأداة التعليمية التي ساهمت بصناعة أجيال عرفت الحرف وأحبت الكلمة فكانت مثال مميز للثقافة والمثقفين .
ارتبطت الخلدونية بمنهج استثمر فيه الحصري حصيلة عقود من الخبرة المهنية بانتاج تلك الاداة التعليمية .
طبعا لابد من الاشارة الى ابو خلدون الثاني إستاذنا د نهاد صبيح اطال الله بعمره الذي كان لنا خير عون ولم يبخل علينا بالعلم والمعلومة مستثمرين مشواره العلمي المرتبط بالحُصري بالماستر والدكتوراه ، نتاج هذا العمل بحثنا تكامل الرؤى للتعليم الحكومي والاهلي .
خلال عقد ونصف منذ عام ٢٠٠٥ ارتبطنا مع ابو خلدون الأول بحثيا من خلال بحثنا مشروع تعليم القراءة والكتابة للمراحل الأولى الاربعة وابو خلدون الثاني شفاهيا او التواصل المباشر ، هذا الارتباط كانت له ثمرات علمية مرتبطة بعملنا ،
تَمكنا من خلالهما النظر برؤية واضحة لقرن تقريبا من زمن بناء المؤسسة التعليمية التربوية والدولة العراقية الحديثة .
عشرات الاستيقافات او المواضع المهمة التي تجاوزها الحصري الاول بمهنية ووطنية عالية وجدناها بين طيات الأوراق ، كان يمكن أن تؤخر البناء التربوي التعليمي لعقود .
استيقافة واحدة من عشرات المواقف كان لها الأثر الكبير بعملنا بالتخطيط الاستراتيجي وهندسة المستقبل نوردها للمثال لا الحصر .
الحصري رفض ترشيح الملك له لتولي منصب وزير المعارف يناظر منصب وزير التربية حاليا ، واكتفى بمنصب وكيل المعارف عند بداية تأسيس الدولة العراقية الجديدة ١٩٢١ .
سئله الملك فيصل الأول لماذا ؟
كان جواب الحصري بسيط ومهم … التغيير والبناء الحقيقي يحتاج إلى جيل من الزمن والأفراد غُرست فيهم قيم ومبادى ورؤى الدولة وترسخت بعقولهم وأفعالهم خططها ومناهجها ، والعراق سيُعاني من تغير الحكومات والسياسات بظل معطياته الاجتماعية .
الجيل هنا كناية عن فترة زمنية لبناء الأفراد ويرمز له رقم أعلاه ٣٥ عام وأدناه ١٠ اعوام ، لذا بوجودي بقمة هرم وزارة المعارف ( التربية حاليا ) لن يخدم التربية والتعليم عكس وجودي كثاني شخصية بالوزارة لأنها لن تتغير .
فعليا تم ما خُطط له فخلال عشرة اعوام انتقلت وتغيرت وزارة المعارف العراقية من مؤسسة تضم اعداد طلبة لا يتعدى عدد الأصابع الى مؤسسة ضمن بطايتها الالاف الطلبة بكل المراحل بتعليم حكومي وكادر عراقي تعليمي تربوي مهني أكاديمي لكل المراحل من الابتدائية والثانوية ممتدا الى طلبة المرحلة الجامعية بكادر تعليمي عراقي للجامعات .
تجاوز الحصري فيها عقبات حقيقية من الشخوص والمؤسسات والحديث يطول ويتشعب لكن مركب التربية والتعليم سار بقوة نحو ضفة العلم .
قضية أخرى مهمة وحيويه عالجها الحصري واجاد بايجاد الحلول الناجعة لها مدارس ( الموصل ) أنموذجا .
الموصل ومدارسها لها قصة ابتدئت بمنح عطلة ليومين الجمعة والأحد وإدارة لمدارس تُدار من خارج العراق ، معضلة المدارس التي ترتبط بالكنيسة بروما بيوم عطلة ( الأحد ) كانت واحدة من المشاكل والمعاناة الحقيقة ، مما خلق مشكلة مع الطلبة المسلمين الذين يرفضون ان يكون يوم الأحد عطلتهم بدل يوم جمعة .
هناك اداريا الموصل بفترة بداية الدولة العراقية هناك مشكلة بعائديتها والمحافظة عليها كجزء من العراق الجديد امر خضع لأرادات واجندات كثيرة ومنها هناك البعض يحاول ربطها بالدولة والنظام التركي الحديث برؤية ان الدولة الإسلامية العثمانية هي نفسها الدولة التركية الحديثة .
هتا نردد وفق قرائتنا للتاريخ الحديث لولا وجود الحصري هناك وخطاب الشيخ الياور بالموصل ، لكانت النتيجة الموصل غير عراقية .
هنا لابد من الإشارة الى مشروع الجيل هو نواة موقعنا ( العراق بين جيلين ) الذي نحتفي به بعيد تأسيسه المتزامن مع عيد المعلم .
لذا بعيد المعلم نستذكر المعلم والحصري وموقعنا بهذا اليوم .
الحصري شخصية لها وعليها الكثير بين الشد والجذب والقبول والرضا كحال الشخصيات المؤثرة بالتاريخ والمجتمع وايضا لتماسه مع قادة وزعماء الحقبة التاريخية الحديثة ، فنجده برغم قربه من الملك وهو ثقاته ، اضطر لترك المنصب والتوجه للتدريس والكتابة ولم يتركوه ، لكنه باخر المطاف عوقب بحجب الجنسية العراقية عنه وطرده خارج العراق ، ليتمنى ويطلب ان يقضي اخر ايام حياته ويدفن في البلد الذي احبه وقدم له الكثير ، فتم له الامر باخر عقد الستينيات ودفن ببغداد .
نتمنى هنا بدعوات صادقه ان يكون معيار العمل والإنجاز المرتبط بسلسلة من الإجراءات التي صنعت مؤسسة معرفية ابتدات بعدد خريجين للمرحلة الثانوية لا يتعدى عدد الأصابع الى الالاف الخريجين وهو الجهة الايجابية وهو الجزء الإداري المهني الذي ارتبطنا به مع الحصري ، وهو ما كنا وما زلنا بحاجة إلى جيل أخر غرست فيه قيم ومبادى ورؤى تختلف تماما عن الكثير من الاخطاء الان .
لذا نقدم بكل عيد معلم شكر وتقدير لابو خلدون ساطع الحصري ، الذي يكفيه ان يرتبط اسمه بالقراءة الخلدونية الاولى التي صنعت الاجيال التي تقرا الصحف وهي بمراحل دراستها الاولى فعالجت الهدر التعليمي .
تقديري واعتزازي