يباهل السيد عادل عبد المهدي في دراسة مطولة ( ٥٤ صفحة ) نشرها موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ..يباهل في ذرائعية الرد على الملف الذي نشرته دورية الفورن افيرز الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الامريكي ..اهم مراكز التفكير في صناعة السياسات العامة للولايات المتحدة لمناسبة مرور عشرين عاما على احتلال العراق.
وحدد قي عنوانه لهذه المباهلة تلك المصطلحات الواردة في هذه الأوراق البحثية مثل ( العراق دولة كليبوقراطية) اي ( دولة لصوص) او ان العراق دولة ( مليشيات) فضلا عن توصيف العملية السياسية برمتها كونها بحاجة الى تغيرات جذرية .
لست بصدد مناقشة الفيض من الاقتباسات التي جاءت بها دراسة السيد عبد المهدي ودخوله في مقارنات وصفية افتراضية بين مناهج التحليل الاكاديمي.. ولكني اتوقف عند الباب الأمامي الذي دخلت فيه جميع الأطراف العراقية في اتفاق لندن مع الولايات المتحدة بعد اصدار قانون تحرير العراق نتيجة مقررات مؤتمرات احزاب المعارضة بقيادة المؤتمر الوطني الذي تزعمه الدكتور احمد الجلبي..هذا الباب يبقى مفتوحا في هكذا مقارنة ما بين اهداف وميول واتجاهات وضعت على طاولة النقاش النفعي لكل الأطراف الدولية والاقليمية والعراقية بعنوان واحد ( تحرير العراق من نظام دكتاتوري ) فكان البديل ركوب جميع الأطراف بتناقضاتهم في قطار الاحتلال الامريكي..فيما لم تنجح هذه الأطراف العراقية بوضع معادلة صناعة الامة لعراق واحد وطن الجميع واستبدلت بعراق المكونات الطائفية والقومية في نظام مفاسد المحاصصة.
من هذا الباب تغادر الذرائعية في الرد على تلك التوصيفات الأمريكية عن واقع العملية السياسية في عراق اليوم واتوقف عند( ادارة الحلول ) للرد الفعلي وفق الاتي :
اولا : استحصل العراق على اكثر من ترليون دولار في موازنات ٢٠٠٥ – ٢٠٢٠ .. فيما لم يتحقق النفع العام في تطبيقات العدالة والانصاف ومساواة المنفعة الشخصية للمواطن العراقي الناخب والمنفعة العامة للدولة مقابل ظهور شريحة ( كلبتوقراطية) من قيادات سياسية ومجتمعية واقتصادية بل حتى الحاشية اضحت لها مواكب وقوافل تتنقل بها .. كيف يمكن ان نرد على هذا الاتهام والعراق عليه التزامات في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ؟؟
الاجابة الواقعية الواضحة ان يكشف كل من عمل في الدرجات الخاصة واقرباؤهم حتى الدرجة الرابعة عن الذمة المالية ما قبل ٢٠٠٣ وما بعدها حسب الجغرافية الزمنية للمناصب التي حصلوا عليها .. كبديل لكل ما جادت به دراسة السيد عبد المهدي للرد على هذا الموضوع.
ثانيا : هناك تطبيق واضح لمقولة( الصلاة وراء علي أتم والقصعة عند معاوية ادسم ) في تحليل مدخلات ومخرجات الإجابة على سؤال هل العراق فعلا دولة مليشيات ؟؟
لان الإجابة لا تحتاج الى تعريف المليشيات كما ذهبت الدراسة بل التوصيف الجغرافي الواضح في تطبيقات واقعية كون فتوى الجهاد الكفائي لم تدعو الى تشكيل نموذج جديد مثل الحشد الشعبي .. بل الى التطوع في القوات المسلحة للقتال.. وحين تشكل الحشد الشعبي ما زالت المواقف وردود الأفعال وتصارع القوى السياسية الفاعلة داخل الإطار التنسيقي تحتاج الى توضيح الواضحات في توصيف الحشد الشعبي كقوات مسلحة تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة ام لا ؟؟
وهذا ما حصل في كلمات قياداته خلال الاحتفال الاخير بذكرى تاسسه ..فيما لم يحصل ذلك عندما نقلت عدسات الاعلام أفراد الحشد يدوسون باحذيتهم على صورة رئيس الوزراء السابق ..ربما عليه الكثير من الملاحظات..لكن صفته كقائد عام للقوات المسلحة..تجعل اي اجنبي أمريكي او غيره ..يتعامل مع توصيف المليشيات وليس العكس ..ناهيك عن وجود تضارب في ممارسات بعض الجماعات المسلحة العراقية لتنفيذ فعاليات مليشيات خارج الحدود العراقية.. واجابة ( ادارة الحلول ) الفضلى ان مأسسة وتدريب قوات الحشد الشعبي يمكن ان تلغي اي اتهام اجنبي ما دام المواطن العراقي يستذكر دائما بطولات افراده وتضحياتهم.. كنبراس عراقي امام كل العالم في مواجهة عصابات داعش الارهابية.
ثالثا : في الحديث عن اهمية التغيير المنشود واعتبار العملية السياسية ميتة سريريا ..كل ما جاء في الدراسة من شروحات مستفيضة عن الامة والدولة .. ومجريات تشكيل نظام المحاصصة لاسيما موقف المرحوم مام جلال عن اسلوب ادارة مجلس الحكم .. كل ذلك يرجع بي الى ما ذكرته عن الباب الامامي الذي دخلت منه جميع الأحزاب على ظهر الدبابة الأمريكية او معها او بعدها.. لذلك لا أحد ينبغي أن يعتقد ان الاحتلال الامريكي وشركاه الإقليميين مجرد ( جمعية خيرية ) بل هناك مصالح استراتيجية.. وظفها الأكراد لتحقيق حلم تقرير المصير.. فيما فشلت الاحزاب التي تصف نفسها صاحبة حق الاغلبية السكانية من انجاز اي تطور نوعي لهذه الاغلبية بسبب الانقلاب الذي حصل في تقديم المصالح الإيرانية على الأمريكية ومن ثم تغييب المصلحة الغراقية الجامعة..وعدم استثمار قرار الاحتلال الصادر عن مجلس الأمن الدولي لإخراج العراق من ساحة تصفية حسابات واشنطن وطهران وايضا كل اثار الحروب والدمار في الحروب السابقة ..بل انغمست هذه الاحزاب في تحويل العراق الى ساحة ساخنة لهذه المعركة التي لم تكن معركة عراقية بالمطلق ..فقط الاحزاب الكردية من نجح في ترتيب الأوضاع لصالح تكوين دولة داخل الدولة الاتحادية..لا تحتاج الا الى قرار الانفصال فحسب!!
هذا غيض من فيض..وهناك الكثير مما يمكن التوقف عنده في مقالات مقبلة ان شاءالله ..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!