قبل إحتلال العراق من العام 2003 كنا نسمع محاضرات الشيخ أحمد الوائلي “رحمه الله” من خلال صوت المذياع، لا غيره، من خلال إذاعات متنوعة، لم نرَ وجهه الصبوح، إلا بعد التغيير، وعند زيارتي للنجف الأشرف قبل سنوات، عثرت في إحد محلات التسجيلات على أقراص مدمجة لمحاضراته القيمة، فتلقفتها مباشرة، ولم أسأل عن سعرها، وكانت بثمن مناسب جداً. لأضمها إلى مكتبتي (الأدبية) أسمعها في كل حين، رغم أنها منتشرة على محرك (كوكل).
ومحاضرات الشيخ الوائلي، كما نعلمها جميعاً، هي من قمم الدروس الإنسانية الأساسية، التي نتعلم منها ونتفاعل معها بكل أحاسيسنا، وعواطفنا، بما يمتاز به من قوة صوته الجهوري المتميز، وبلاغة أحاديثه العميقة في اللغة المتمكنة، التي لا تمل أبداً لو كررناها عشرات المرات، وحسن تناول موضوعاته المعتدلة، وبهدوء خطبه، لم يستفز أحد من المسلمين قط، ولم يكن في يوم ما “متشنجاً” مهما كان موضوع خطبته.
الوائلي، كان بحق رسالة سلام ومحبة للجميع، من خلال منبره الشريف الصحيح، الذي طالما تنشده الجماهير المسلمة من العالم كافة.. رجل وقور، وشيخ عالم ممتليء، لا ينبز أحداً، ولا يلمح بعدائه لإنسان أبداً، ولا يغيض الأخرين، متسامح مع نفسه أولاً ومع الأخرين، ليكون أحد ظلال آل النبوة التي يحتمي تحت فيئه الفقراء والمساكين، بالمعنويات الكبيرة التي نحتاجها جميعنا اليوم. أستذكره اليوم في مقالتي هذه، بمناسبة الذكرى السنوية لرحيله، ورد جميل من محبيه وجمهوره الإسلامي كافة في العالم الذي لم ولن ينساه أبداً.