انتشرت في الاونه الاخيرة وذاع صيت ما يسمى بالمشاريع الاستثمارية السكنية ، وهي باختصار تتمثل بقيام مستثمر بالحصول على إجازة استثمارية من الهيئة الوطنية للاستثمار مع قطعه ارض لغرض تشييد وحدات سكنية عمودية أو افقيه وصل سعر البعض منها لمبالغ تتراوح من 200الى 300 الف دولار للوحدة السكنية الواحدة ، ويقوم المستفيد ( المشتري) بدفع مبلغ الوحدة السكنية على شكل دفعات نقدية لحين استلام الوحدة السكنية من المستثمر خلال مدة تتراوح مابين 3 الى 4 سنوات حسب الاتفاق في العقد ، وان هنالك بعض المدن السكنية مشمولة بالمبادرة الحكومية ، حيث يتم تمويل عمليه بناء هذه الوحدات بقروض حكومية من المصرف العقاري ، وقد تبدو هذه المشاريع للمواطن الفقير أو متوسط الدخل فسحة امل للحصول على سقف له ولعائلته ، الا ان الشيطان يكمن بالتفاصيل كما يقال ، ويمكن ان نسجل اهم الملاحظات على هذه الآلية للاستثمار وعلى النحو الآتي:
1. ان اسعار الوحدات السكنية عالية جدا سواء كان موقع المشروع داخل العاصمة بغداد أو حتى في أطرافها، وكذلك الحال بالنسبة للمشاريع على أطراف وحدود ومداخل المحافظات ، ولايمكن للطبقه الوسطى أو ذوي الدخل المحدود دفع قيمه هذه الدفعات مالم تكن مشمولة بمبادرة قرض المصرف العقاري ، وكأن هذه المواقع وجدت للاغنياء وأصحاب الدخول المفتوحة ، فاين العدالة الاجتماعية التي كفلها دستور جمهورية العراق لسنة
شروط قاسية
2. ان العقود التي تبرم بين المشتري والمستثمر هي عقود صممت لمصلحة المستثمر دون مراعاة لحقوق وضمانات المشتري ، بل فرضت عليه شروط قاسية فيما يتعلق بمواعيد التسديد للدفعات المقررة ، وبالمقابل لانجد ان هنالك ضمانات للمشتري فيما لو أخل المستثمر بالتزامه التعاقدي بتسليم الوحدة السكنية ضمن المدة المحددة بالعقد .
3. اغلب هذه العقود لا تلزم صاحب المشروع الاستثماري بنقل ملكية الوحدات السكنية المتعاقد عليها الى المشتري ، بل ان العقد يحمل المشتري الضرائب والرسوم الخاصة بتحويل الملكية ، بمعنى اخر ان المستثمر عبارة عن مقاول للبناء ، وغير معني بتسليم وحدة سكنية متكامله بناء وأرض الى المشتري والتكفل باجراءات ورسوم التحويل .
4. ان هذه العقود الزمت المشتري بالخضوع لشروط المستثمر فيما يتعلق بعدم إمكانية اضافة البناء والمنشآت الى الوحدة السكنية بعد استلامها الا بموافقة المستثمر ومن خلاله ، كما الزمت هذه العقود المشتري بالخضوع لخدمات المستثمر فيما يتعلق بتجهيز الماء والكهرباء والانترنت والغاز وبخلاف ذلك تقطع هذه الخدمات .
5. لم تحدد هذه العقود المواد المستخدمة في انشاء هذه الوحدات ، اذ لم تربط مع العقود ملاحق تتضمن جداول كميات( تنادر) تتضمن تفاصيل العمل والمواد والكميات والمناشئ ، ولم تحدد معايير نسبية لقياس جودة العمل عند الاستلام ، كما الزمت المشتري بالاستلام خلال مدة معينه والا عد ناكلا ، وبامكان المستثمر التصرف بالوحدة السكنية الى مستفيد اخر ، وبالتالي فأن هذه العقود لا تسمح للمشتري بتعديل بنود العقد بما يحقق التوازن بين الطرفين أو حتى الاعتراض على طريقه التنفيذ أو جودة العمل والمواد المستخدمة في البناء لانه لم يطلع عليها مسبقا عند ابرام العقد ، وسيكون المشتري في مآزق لايحسد عليه عند استلام الوحدة السكنية .
6. ان هذه العقود تفرض شروط جزائية قاسية في حال نكول المشتري عن تسديد احد الدفعات أو الاستلام تصل الى استقطاع نسبه ( 30 بالمئة ) من المبلغ الكلي للوحدة السكنية ، مما يجعل المشتري امام خيارين ايسرهما مر ، اما الاستلام وفق شروط المستثمر وأما الخضوع لشرط جزائي قاسي ، دون ان يكون هنالك مجال قانوني أو عقدي يسمح له بالتفاوض أو تعديل بنود العقد أو استرداد المبالغ المدفوعه.
7. ان معظم العقود لايعرف المشتري شخصية المستثمر باعتباره الطرف الثاني في العقد حيث ترد العقود موقعه ومختومه دون ان يعرف المشترى شخصيه من وقعها وهل هو مؤهل ومخول وفق القانون ليتحمل الالتزام التعاقدي ، وهذا من شأنه ان يثير اشكالات قانونية في حال حصول نزاع قضائي عند تنفيذ بنود العقد .
8. تحميل المشتري رسوم الوساطة العقارية بنسبة ( 3 بالمئة ( من مبلغ العقد ولكل وحدة سكنية ، حيث يعمد المستثمر الى شركات للوساطه والتسويق العقاري لتسويق الوحدات السكنية دون ان يتحمل عناء فتح مكتب أو مركز تسويق مجاني من قبل المستثمر ، مما يزيد من تكلفه هذه الوحدات.
ضرورة التدخل
لما تقدم ندعو الهيئة الوطنية للاستثمار الى ضرورة التدخل لالزام المستثمرين بالعمل بعقود نموذجية تكفل حقوق الطرفين بشكل متوازن مع إمكانية التعديل باتفاق الطرفين، اذا ان العقود بشكلها الحالي هي عقود اذعان قاسية يخضع المستفيد من الخدمة لشروط المستثمر ، مع ضرور التدخل لوضع اسعار معقولة لهذه الوحدات طالما ان مواقع هذه المجمعات تمنح للمستثمر بشروط ميسرة ليتمكن ذوي الدخل المتوسط ودون المتوسط من اقتناء وحدة سكنية في وطنه …والله الموفق .