ترتبط الأزمات السياسية بفساد القيم السياسية وانهيار المشروع الوطني المرتبط بها!
وتفاقم أزمات الدول التي تسببت دون شك في الميل العميق نحو التسلط والاستبداد في مصدريه (البنيوي والتاريخي) معا، مما ولد تحويل مسار الدولة في اتجاه الانحرافات في وظائفها والانخراط في هياكلها والقطيعة التي تشهدها بين الدولة ومؤسساتها والمجتمع وأفراده وإذا كانت أزمة أنظمة الحكم متعددة الجوانب سواء الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية إلا أن الجانب السياسي في هذه الأزمة يبدو هو الأكثر حدة وقسوة بالنظر إلى الحياة اليومية للمواطنين فمعظم الأنظمة تفتقد إلى الشرعية بنظر مواطنيها!
الذين فقدوا من جانبهم حقوقهم الأساسية السياسية والمدنية، وهذا الخلل يؤدي بطبيعة الحال إلى تعطيل القدرة الإنتاجية للمجتمع ولا نقصد بالقدرة الإنتاجية معناها المادي الاقتصادي فحسب، وإنما معناها الحضاري العام أي القدرة على إنتاج حضارة رفيعة ومدينة متقدمة، وبمعنى أدق تعطيل الجانب الإبداعي في الفرد أو المواطن المدني بشعوره الدائم بعدم شرعية السلطة، ولهذا نجد أن المشاركة السياسية تتأرجح بين السيئ والأسوأ دائما، كما نقصد بالجانب الإنتاجي أو القدرة الإنتاجية الجانب الروحي كما تشمل المادي والفكري والاقتصادي والسياسي والأخلاقي،،والواقع أن الأزمة السياسية التي تعاني منها انظمة الحكم، هي جزء من مشهد أكبر تعاني منه المجتمعات القائمة في البلاد العربية ذلك هو مشهد التخلف العام، الذي ينطوي من ضمن ما ينطوي عليه، على حالة (التخلف السياسي)الذي كانت الأزمة السياسية للأنظمة جزءا من مفرداته، والتخلف السياسي ظاهرة تشمل بآثارها الفاعلين السياسيين الأساسيين في المجتمع وهم: الحكام، والقوى السياسية، والأفراد، وقد انعكست هذه الظاهرة على علاقة الحكام بالقوى السياسة والجماهير من جهة، وعلى علاقة القوى السياسية فيما بينها أولا، وفيما بين الجماهير ثانيا، من جهة أخرى. وعلى دور الجماهير في الحياة السياسية العامة من جهة ثالثة،فالتخلف السياسي يعد المرحلة الثانية التي تلي مرحلة الفساد، فهذا الأخير يتسبب في تهديم القيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل غياب دول الحق والقانون ودولة المؤسسات التي ما فتئت تبرز مع المنظومة الدولية القيمية الجديدة المبينة على أساس التعقيد المؤسساتي والتباين السلطوي، واحترام حقوق الإنسان، والشفافية ومحاربة الفساد وكل هذا يندرج تحت ما يسمى بالدولة الحديثة.