ارتفع مؤخرا على صعيد عالمي واقليمي نسبة التصريحات والتقارير والانشطة البحثية والميدانية بصدد ازمة المناخ والتغير البيئي والامن الانساني . والعراق ليس بعيدا عن هذه الانشطة المختلفة خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتلوث البيئي التي ارتبطت جميعها بسياسات الحكومات المتعاقبة غير المدركة لحجم هذه الازمة .
وبحسب الدراسات الدولية الصادرة بهذا الصدد كانت هناك وقفة استثنائية بشأن عدم المساواة بين الجنسين وما يترتب عن ذلك من تفاقم الأزمات المرتبطة بالمناخ والأمن الانساني التي تواجهها المجتمعات حاليا وتشكل تهديدًا كبيرًا لأنماط حياة النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم .
ان ما اشرنا اليه اكده تقرير اممي صادر عن “النوع الاجتماعي والمناخ والأمن” حيث كشف التقرير النقاب عن الروابط الوثيقة بين النوع الاجتماعي والمناخ والأمن، ويظهر أن النساء على الجبهات الأمامية للعمل المناخي يقمن بدور مهم في منع النزاعات والسلام المستدام والشامل. ففي تشاد على سبيل المثال، يحدّ العنف القائم على النوع وعدم المساواة من قدرة المجتمعات على التكيّف مع الصدمات المناخية. وفي السودان، تتسبب الندرة المتزايدة للأراضي الخصبة بسبب الجفاف المتواصل وتقلّب سقوط الأمطار بارتفاع معدلات الصراع المحلي بين المزارعين والبدو. اضافة الى ذلك فأن الوصول غير المتساوي لملكية الأراضي والموارد المالية والقدرة على اتخاذ القرار يخلق ضغوطا اقتصادية على الاسرة في وقت الأزمات ويترك النساء عرضة بشكل غير متناسب لمخاطر الأمن المتعلقة بالمناخ.
كما ان قدرة النساء والفتيات في الحصول على الاغاثة والمساعدة عند حدوث الكوارث المناخية أقل بسبب التفاوتات المبنية على النوع الاجتماعي القائمة منذ أمد طويل والتي خلقت فوارق في التعليم والمشاركة مما ادى الى ارتفاع الامية والتسرب من المدارس و عدم القدرة على التنقل واتخاذ القرارات، وإمكانية الحصول على الموارد والتدريب.
و تتحمل النساء في العديد من المناطق مسؤولية تأمين الغذاء والماء والوقود، خاصة في البلدان الفقيرة و منخفضة الدخل وتعتمد في معيشتها على القطاع الزراعي . وقد عكست مؤشرات وزارة التخطيط لعام 2022 ارتفاع نسبة الفقر حيث بلغت اكثر من 25% وكانت (المثنى جنوب غرب العراق ) في الصدارة ، يرافق ذلك الجفاف وعدم انتظام هطول الأمطار، والسياسات المائية الوطنية غير المتكافئة ، وهذا ادى إلى فرض ضغوطًا إضافية على الفتيات اللائي كثيرًا ما يضطررن إلى التخلي عن الدراسة لمساعدة أمهاتهن على تحمل اعباء المعيشة .
و امام تفاقم المشكلة المناخية عراقيا وما ترتب عنها من هجرة واضحة للأراضي الزراعية خاصة في محافظة الديوانية وارتفاع نسبة التحديات الاقتصادية والامنية والانسانية دون مراعاة احتياجات النساء .. لابد ان تكون هناك إجراءات حكومية مراعية للمنظور الجنساني لمعالجة هذه الأزمات من خلال تدخلات واضحة ومدروسة وفق سياسات وبرامج جنسانية تضع المخاطر الامنية والمجتمعية المتعلقة بالمناخ في المقدمة يرافق ذلك اتاحة الفرص امام مشاركة النساء في صنع القرار سياسيا واقتصاديا وفق معيار الكفاءة والحاجة والتخصص مع الاخذ بنظر الاعتبار دمج الفئات المهمشة لتعزيز مساهماتهنّ في التنمية والبناء و السلام.