الكاتب اسعد عبد علي
اكثر سؤال تردد في الايام الاخيرة عن سر الحرب الهجينة التي ظهرت قبل الحرب الفعلية بين روسيا وأوكرانيا؟ والحقيقة عمليات التضليل الاعلامي التي تمارسها الماكنات المدفوعة الثمن كانت شديدة, بالاضافة للجيوش الالكترونية والتي هدفها الاول خلق وعي كاذب, واشاعة الخوف والقلق, وضرب السوق, وقد تم التعبير عن الحرب التي تشنها روسيا بالحرب الهجينة! فما أسرار هذه الاستراتيجية؟ والسؤال الاخر ما هي غاية موسكو من كل هذا؟ علينا ان نثبت اولا ان الصراع الروسي – الاوكراني ليس وليد اليوم بل هو من ثماني سنوات, نعم هي الان في ذروتها, حيث التدخل العسكري المباشر والقصف الجوي الكثيف مع نزوح لمئات الاف الاوكرانيين.
سنحاول فهم اسرار ما يجري, ونفكك الاخبار الواردة من جبهات الحرب, كي تتضح لنا الصورة.
· حرب مشاهد الفيديو
الخطوة الاولى للحدث: ففي البداية نشر الانفصاليون الموالون لروسيا في ما يسمى بـ”جمهورية دونيتسك الشعبية” المعلنة من طرف واحد مقطع فيديو لرئيسهم دينيس بوشيلين، يعلن فيه التعبئة العامة, وبعد ذلك نشرت لقطات فيديو لإجلاء أشخاص -بواسطة حافلات- من المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون بدعم عسكري روسي.
· الخطوة الثانية للحدث: بعد يومين تم نشر مقطع فيديو آخر، يهدف إلى إظهار كيف يقوم جنود روس من وحدة خاصة باعتقال محرضين مزعومين تابعين للحكومة الأوكرانية، دون أن يتم إظهار وجوه المعتقلين.
· الخطوة الثالثة للحدث: وفجأة ظهر مقطع فيديو آخر يهدف إلى إظهار تفجير محطة حدودية, بين مناطق المتمردين المواليين لروسيا في أوكرانيا والحدود مع روسيا.
· الخطوة الرابعة الكترونيا: كان هناك هجوم إلكتروني ضد وزارة الدفاع الأوكرانية وأكبر مؤسستين ائتمانيتين في البلاد، وهما مصرفا “بريفات بانك” و”أوشاد بانك” وبشكل مؤقت، لم يتمكن العملاء من استخدام بطاقات الدفع الخاصة بهم، كما تعطلت الخدمات المصرفية عبر الإنترنت. وقد تم تنفيذ مثل هذه الهجمات الإلكترونية بشكل متكرر ضد أوكرانيا في السنوات الأخيرة.
كان يتضح ان طبول الحرب قادمة, عندما قامت جهات دولية معارضة لروسيا ومراقبة للأحداث في تحليل البيانات الوصفية لملف الفيديو كشف أنه تم تسجيله قبل ذلك بثلاثة أيام من بثه في ذلك اليوم، وقد حذرت الإدارة الأمريكية من حرب وشيكة واسعة من قبل روسيا ضد أوكرانيا، مستشهدة بمعلومات استخباراتية.
· الحرب الهجينة
تتضمن الحروب الهجينة مجموعة من أنماط الحرب المختلفة، بما في ذلك القدرات التقليدية والتكتيكات والتشكيلات غير النظامية والأعمال الإرهابية التي تشمل العنف العشوائي والإكراه والفوضى الإجرامية ويمكن أن يكون هذا التنوع في الإجراءات من عمل الفاعل نفسه, وكتب هوفمان “تتضمن الحروب الهجينة مجموعة من أنماط الحرب المختلفة، بما في ذلك القدرات التقليدية والتكتيكات والتشكيلات غير النظامية والأعمال الإرهابية التي تشمل العنف العشوائي والإكراه والفوضى الإجرامية”، ويمكن أن يكون هذا التنوع في الإجراءات من عمل الفاعل نفسه.
وفي رأي هوفمان (وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية وباحث في الدفاع- في دراسة عام 2007 تحلل الصراعات الفوضوية في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى،)، فإن الحرب الهجينة هي في الأساس شكل من أشكال الحروب غير المتكافئة، حيث يسعى المقاتل إلى تجنب نقاط القوة في خصم أشد بأسا, وأشارت إلى أن الدولة المزدهرة “في غضون أشهر وحتى أيام يمكن أن تتحول إلى ساحة نضال مسلح شرس، وتصبح ضحية التدخل الأجنبي، وتغرق في هاوية الفوضى والكارثة الإنسانية والحرب الأهلية”.
· امريكا والحرب الهجينة في العراق
خير مثال على الحرب الهجينة هو سقوط الموصل بيد الدواعش, عبر استغلال نشر الفيديوات التي تتحدث عن انتشار سريع ومخيف لجنود الدواعش وملاحقتهم للمدنيين, مما اثار الرعب والقلق وسرع من عملية سقوط الموصل, وكان هنالك استغلال امريكي للحرب الهجينة, حيث كانت تسعى لزرع الفوضى بالعراق وتقسيمه لثلاث دويلات ضعيفة.
فالحرب الهجينة.. حرب تسبق الحرب فتفت في عضد العدو هدف الحرب الهجينة هو خلق حالة من عدم اليقين والمفاجأة لدى الخصم من خلال عمليات لا تقتصر على الجيوش والأساليب العسكرية، بل تشمل، فضلا عن ذلك، الابتزاز وإظهار القوة، وشن الحملات الدعائية.
· مبدأ الحرب الهجينة
تقول مارغاريته كلاين، الباحثة في شؤون أوروبا الشرقية في “المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن: “في مبدأ الحرب الهجينة، تعتبر الوسائل غير العسكرية ذات أهمية خاصة”, وتوضح كلاين: “لا يتعلق الأمر في المقام الأول بالاحتلال العسكري للأراضي، بل يتعلق بتأمين النفوذ, إن إظهار القوة العسكرية مثل نشر القوات، والمناورات العسكرية في بيلاروسيا، ولكن أيضاً الاتصالات المتطابقة زمنياً، على سبيل المثال عند الإعلان عن الانسحاب، هي جزء من صندوق أدوات أوسع, الأمر يتعلق أيضاً بتحديد الروايات (طريقة السرد)”، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتقن ذلك “ببراعة”.
وتضيف كلاين: “إنها استراتيجية استنزاف تُستخدم لمحاولة الضغط على أوكرانيا، داخلياً بشكل أساسي، وبالتالي إعادتها إلى نهج مؤيد لروسيا على المدى الطويل”، وتكمل حديثها في الاشارة الى ان: “أحد الأهداف هو بالتأكيد جعل الغرب يشعر بالتعب إزاء أوكرانيا”. هذه هي الطريقة التي تشرح بها الخبيرة صعود وانخفاض التصعيد”.
وايضا.. يمكن اعتبار الحرب الهجينة: انها تخلق حالة من عدم اليقين, تهدف إلى ضرب الاقتصاد عبر تخويف المستثمرين.