لعل البعض قد يبدي إمتعاضه من قساوة لفظة “القرقوز” التي يوصف بها شخص ما, ولابد من بيان المعنى الحقيقي للمفردة المذكورة، وتعني حسب ما ورد في معاجم اللغة على انها:
(دُمًى صغيرة من الورق المقوَّى أو الخشب الرقيق يُحرِّكُها إنسان مُخْتفٍ وينطقُ بما تقول، فتُرَى كأنّها تتحرّك وتتكلّم، وتسمّى أيضًا: كَرَكُوز أو الدُّمى المتحرِّكة).
انتشرت في الآونة الأخيرة صورة تجمع الشيخين “الجليلين” عداي الغريري وشهيد العتابي، يمسك أحدهما بيد الآخر بطريقة… قيل أنها تعبيرا عن الوحدة الوطنية، التي يسعى لتحقيقها هؤلاء, وهي في حقيقتها محاولة من “حملة الفكر السطحي” وعلى طريقتهم وحسب فهم الخاص لها.
ربما يؤاخذ وضع مفردة الجليلين بين مزدوجين، ولعل قارئا لبيبا يفهم منها عدم القناعة بجلالة هذين الرجلين, وهو كذلك… قد يعدان مشايخ أجلاء حسب ما يراه مواطن أبله, من الذين لا يميزون منتحل صفة رجل الدين, عن المعمم الحقيقي.
يفتخر العراقيون عند تحقيق منجز ما، وهذا الشعور لا ينحصر بمكون دون آخر، طالما أن السواعد التي حققت هذا الإنجاز وطنية، وغالبا ما يتغافل العقلاء عن التحري والبحث, عن انتماء البطل الذي كان سببا للنصر، ولا شغل لهم بمذهبه فهم يرونه عراقيا وكفى.
بالمقابل فإن التفاهة صفة شاملة ولا يمكن حصرها بمكون أو طائفة، لذا يبادر مدعي بين فترة وأخرى, لطرح أسمه ممثلا عن توافه العرب السنة, ويعمل على تأسيس المركز الوطني “للتفاهة” ربما بمعية سماحة أو شيخ ألمعي يماثله, ليكون ممثلا عن الشيعة، وبهذا نكون أمام مشهد رائع بتجسيده للوحدة والتكاتف ونبذ الثقافة الدخيلة على مجتمع التفاهة، ألذي يتألف غالبيته من المؤيدين لطرح هذين العلمين على مواقع التواصل الاجتماعي.
أصل فكرة أو غاية هذا السرد، كانت بعض تسليط بعض الضوء على المواقف والآراء وأقوال نقلت لنماذج من تلك الشخصيات, تخص الواقع العراقي وتحديدا قضية الشعائر الحسينية، ولا علاقة لنا بما يقصدان إثارته بين حين وآخر حول مواضيع شتى، رغم سذاجتهما وسطحيتهما وافتقارهما لأبسط القواعد المنطقية في النقد والتشخيص، لكن اعتمادهما على “السوشال ميديا” كان سببا في وصولهما لمرحلة “الطشة” أسوة ببقية الذوات الفارغة, التي أجادت إستثمار مواقع التواصل الاجتماعي للترويج عن بضاعتها الرخيصة.
ظهر الغريري في مقطع فيديو ممتعضا من قرب حلول أيام العزاء الحسيني، ومنتقدا بعض “الردات” الحسينية التي توارثتها الأجيال الموالية لسيد الشهداء، عادا إياها تصرفات وشعارات تخدش الذوق العام، متناسيا أن أسلوبه في النقد وصراخه المرتفع, وأتخاذه أسلوب التهريج الحاذق في التعبير عن رأيه…هي بحد ذاتها خدش للذوق العام، وأستهانة بالمنبر الذي يعتليه, وتلويث لذهنية المتلقي بخروجه عن المألوف في فن الخطابة, الذي تعودنا على سماعها من أئمة وخطباء المساجد, ممن يعينهم الوقف السني منذ عقود من الزمن.
لا بد من التأكيد على أن الرجل له فهمه الخاص حول قضية الشعائر الحسينية، رغم أنه قاصر فهو يجهل الكثير من حيثياتها وبعدها العقائدي كونه ينتمي لمدرسة فقهية تكاد تكون بعيدة عن الفهم الشيعي لقضية عاشوراء.
بعودة سريعة لما يدلي به الشيخ العتابي نرى إن العتب على أمثاله مضيعة للوقت، فلا وزن له في سوق العلم والعلماء ألذي يجعله أهلا للمعاتبة، كونه من مشاهير الفيسبوك الذين يمتازون برخص البضاعة ومن منتهجي الطرح المبتذل، لكن عسى ان تكون رسالة للمغرر بهم من متابعيه، ورغم كثرة مثالبه لكن محاباته لرفيق دربه ,وتعاطفه معه وزيارته له والوقوف معه بعد أن بات سخرية لرواد التواصل عقب اساءته للمرجعية مؤخرا_ تعد من اهم المؤاخذات عليه، وان كانت تلك الإساءة تخدم العتابي في بعض تفاصيلها الدقيقة، بلحاظ مجهولية الأسس الحوزوية التي انطلق منها العتابي!
ولعله لم يكن موفقا بدفاعه على الشعائر التي يدعي أيمانه بها، بعد سخرية صديقه المفضل منها، ليطل علينا العتابي من جديد ويعطي رأيا حول قضية, هو يصرح بأنها تحتاج لرأي مرجع، ليقول فيها رايه ويهاجم خدمة الحسين انطلاقا من مواقف سياسية لا تنسجم مع متبنياته الذهنية التي لا علم لنا بأصولها الفكرية.