تعتبر حرب تموز عام 2006 الركيزة الإساس التي حولت مسار الحرب الصهيونية على شعب لبنان ، من خندق مقاوم الى خندق مقاوم ومهاجم في وقت واحد . فقد قام أبطال حزب الله بالهجوم على دورية صهيونية في الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة عام 2006 ، وتم قتل ثلاث جنود صهاينه وأسر أثنان في ذلك الهجوم ومن ثم الذهاب بهم الى العمق اللبناني ليكونوا في مرحلة لاحقة ورقة مساومة لبنانية لإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين ، وهذا ما جعل القيادة الصهيونية تأمر بهجوم واسع وكبير لتحرير أسراهم من قبضة رجال حزب الله ، وقد فشل الكيان في الحصول على مبتغاه فشلًا ذريعا بسبب صمود حزب الله في ساحة المواجهة مع الكيان الصهيوني .
لقد أفرزت حرب تموز عام 2006 المعطيات التالية التي رسمت مسار التأريخ المقاوم بين أبطال حزب الله والعدو الصهيوني وكانت تلك المعطيات :
أولاً : أنتقال المحور اللبناني من الدفاع الى الهجوم ، وقد أعطى هذا الانتقال الأيجابي زخماً كبيراً للمقاومة في جميع بلدان المحور وقد انعكس ذلك بشكلٍ واضح جدا في مسار التفاوض اللبناني مع العدو الصهيوني في مرحلة لاحقة .
ثانيًا : خلق ساحة أشتباك جديدة مع العدو الصهيوني الذي تعود على أنتهاك السيادة اللبنانية وتهديد الامن القومي للشعب اللبناني ووضع شروطهُ المجحفه بحق الشعب الذي لم يتعود سابقاً على المجازفة بالصراع مع الجانب الاسرائيلي ، وخصوصاً هناك أدوات أسرائيلية كبيرة جدا في الساحة السياسية اللبنانية التي تدعى الأنتماء الى الوطن ، وهي تروج الى عدم الإنجرار الى حرب مع ( إسرائيل ) كون القوة غير متكافئة بحسب نظرتهم الضيقة للامور ، فضلاً عن ايغالهم بالعمالة للجانب الصهيوني .
ثالثاً : وصول صواريخ حزب الله الى العمق الصهيوني أثار هلع الأحزاب المعارضة في الكيان الصهيوني التي رفعت عقيرتها من اجل لجم الاحتلال الصهيوني من المجازفة في حروب عبثية مع رجال حزب الله ، والتي بدأت تهدد الامن القومي ( الاسرائيلي ) وفق المعطيات الجديدة التي بدأت ترسم ملامحها نتائج حرب تموز التي وضعت قوات الاحتلال الصهيوني في حجمها الحقيقي الذي بدأ متصاغراً جداً أمام ستراتيجية حزب الله العسكرية التي أذهلت الكيان المحتل ، وأجبرته على إعادة خططه العسكرية في مرحلة لاحقة .
رابعاً : ألهبت حرب تموز مشاعر الشارع العربي والإسلامي ، وجعلته يندك في ذلك الصراع وجدانياً وداعماً للمحور المقاوم في لبنان عبر كثير من الفعاليات السياسية والثقافية ، والمسيرات الجماهيرية الداعمة والتي أرعبت العدو الصهيوني الذي عرف مقدار الدعم الإسلامي لمحور المقاومة في لبنان ، والذي كان غائباً تماماً من حسابات العدو الصهيوني المجرم .
خامساً : شكلت حرب تموز انعطافة كبرى في مسيرة المقاومة الاسلامية في فلسطين المحتلة ، وأعطتها زخماً كبيراً في المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني ، وقد تجلى ذلك واضحاً في المواجهات الدامية التي وقعت بعد حرب تموز ، وقد تفاجأ العدو الصهيوني كثيراً عندما رأى التكتيك العسكري الفلسطيني ونوعية المواجهة التي اجبرتهُ أكثر من مرة على التقهقر وإيقاف العدوان من طرف واحد .
سادساً : كانت ستراتيجية حرب تموز مع العدو الصهيوني نقطة أنطلاق لإعادة ترتيب أوضاع الشعوب المنكفئة على نفسها والتي كانت تستشعر ضعفها وهوانها أمام الجبروت الصهيوني ، والتي لم تكن تفكر مجرد التفكير بالمواجهة مع العدو ، لكن تموز وحربه الواضحة أرست دعائكم الاستقرار النفسي وكسر حاجز الخوف من المواجهة ، فكانت خنادق المقاومة في البلدان الأخرى مثل فلسطين وسوريا واليمن والعراق مصداقاً واضحاً للتجربة اللبنانية في مواجهة الاحتلالات التي تعرضت لها تلك البلدان .
لقد أفرغت حرب تموز شحنات الخوف من صدور بعض الشعوب المستضعفة في منطقة الشرق الاوسط وغرب آسيا وأمدتها بطاقة المواجهة مع قوى الاستكبار العالمي بل أرغمتها على التراجع مثلما حصل في حرب اليمن مع القوى الكبرى وأدواتها الخليجية وصمود الجبهة السورية والعراقية في وجه الارهاب الداعشي . الجدير بالذكر أن جميع الانتصارات في بلدان المحور تقف ورائها جمهورية إيران الاسلامية التي لم تبخل بإمداد جميع بلدان محور المقاومة بكل انواع الدعم المادي والمعنوي واللوجستي من أجل نهوض تلك الشعوب بوجه القوى الاستكبارية والوصول الى حالة الاستقلال بعيداً عن الهيمنة الغربية.