في البورصات العالمية كافة توجد معايير لتحديد سعر صرف الدولار الأمريكي، باستثناء البورصة العراقية، التي تعمل يومياً على تقديم دولار أمريكي (مدعوم) بأموال يتم استخراجها من الاحتياطي الذي تغذيه مبيعات النفط.
وبالتالي، ومنذ تأسيس منفذ بيع العملة الذي يديره البنك المركزي، يوجد في العراق دولار أمريكي أرخص من الدولار الموجود في البورصات العالمية، وهو ما يجعلنا نطلق عليه (الدولار العراقي)، ومن هنا يسيل لعاب المصارف الأجنبية، وعلى رأسها الإماراتية والأردنية، لشراء هذا الدولار الرخيص وتهريبه خارج العراق.
وهي حالة تذكرنا بحالة تهريب البانزين إلى خارج العراق بواسطة مهرّبين يُطلق عليهم (البحّارة)، لكون لتر البانزين العراقي، المدعوم من الدولة، أرخص بكثيرة من البانزين الذي يُباع في الخارج.
ووفقاً للمقارنة مع البانزين العراقي، يتضح لنا ما هو (الدولار العراقي)، والذي هو في حقيقته وشكله وعنوانه (دولار أمريكي)، إلا أن سعره في سوق الصرف المحلية أرخص من العالمية، وهو ما يجعل منه دولاراً رخيصاً يمكن أن نطلق عليه (دولارا عراقيا).
ولعل المسكوت عنه أكثر جراء هذه السياسة النقدية التي يعتمدها البنك المركزي العراقي، والقائمة على بيع دولار رخيص، والتي هي استمرار لسياسة حكومة كاظمي وفق ما يسمى تطبيقات الورقة البيضاء، هو أن الاحتياطي العراقي قد خسر حتى اللحظة في حدود 16 مليار دولار في سوق الصرف، من دون أي مردود وفائدة تعود على اقتصاد البلاد.
ويربح يومياً من هذا السوق المخادع مجموعة مصارف أجنبية، صار يُطلق عليها هذه الأيام (مجموعة المصارف الذهبية)، والمعروفة بـ(رابطة المصارف)، وهي مجموعة مدعومة من الإمارات والأردن، وصار يُقال أيضا إن الحكومة الأردنية أصبحت تغذّي خزينتها المركزية من أرباح منفذ بيع العملة العراقي.
وقد لا نستغرب حين نكتشف، ومن خلال معلومات استخبارية، أن الحكومتين الأردنية والإماراتية يستخدمان قدراتهما الدبلوماسية لعرقلة أي جهود تفاوضية عراقية للتفاهم مع الخزانة الأمريكية، أو بنك الاحتياطي الفدرالي، لكون دوام الأزمة العراقية – الأمريكية، وبحجة عدم التزام العراق بالعقوبات على إيران، هي أفضل وسيلة لإدامة وجود (الدولار العراقي الرخيص).
ولعل الضربة التي تعرض لها 14 مصرفاً عراقياً (شيعياً)، بحجة تهريب العملة إلى إيران، والذي تسبب بمنع هذه المصارف من شراء الدولار من منفذ بيع العملة، إنما هو خدعة وحيلة لعزل هذه المصارف المحلية حتى تنفرد رابطة المصارف المدعومة من الأردن والإمارات بشراء (الدولار العراقي الرخيص).
ولهذا نلاحظ يوماً بعد آخر قيام البنك المركزي العراقي بإصدار تعليمات تتماشى مع مصالح (رابطة المصارف)، حتى وصل الحال أن تصل مبيعات البنك المركزي يوميا إلى ما يزيد على 200 مليون دولار، وهو مبلغ يفوق أضعاف حاجة العراق التجارية التي لا تتجاوز 30 مليون دولار يومياً بحسب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ولهذا يثبت محافظ البنك المركزي العراقي (علي العلاق) أنه رجل مصرفي فاشل بامتياز، فضلاً عن كونه فاسدا ومتآمرا، باعتبار أن (السياسة النقدية) التي اعتمدها منذ نحو 6 أشهر في أقل تقدير، لم تكن غير سياسة فاشلة وفاسدة تسببت بأزمة كبيرة في البلاد، وهي استمرار لسياسة (العميل كاظمي الغدر)، ولذا نتج عنها ارتفاع في الأسعار، وانخفاض في قيمة العملة الوطنية، وزعزعة الثقة بالحركة التجارية عموماً، فضلاً عن الركود الواسع النطاق الذي تشهده الأسواق المحلية، والأكثر من ذلك بيع الاحتياطي العراقية بأسعار رخيصة.