يتساءل البعض لماذا تعطون أهمية أكثر لمصاب الأمة الإسلامية بالحسين مقارنة بمظاهر الحزن التي نراها بذكرى مصابنا بفقد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو مصابنا بإستشهاد الإمام علي أو الحسن
وأقول أن النكتة في ذلك تتمثل بالآتي:
عندما فُقِدَ كُلٌ من الرسول الأعظم والإمام علي والحسن وغيرهم عليهم الصلاة والسلام فإن مظاهر الحزن كانت واضحة تأربخياً على أمة كبيرة من الناس مع إحتفاظ تلك الرموز بعناوينها الدينية والإجتماعية بعد فقدها إلاّ الحسين فإن أعداءه قد جردوه قبيل وبعد إستشهاده من تلك العناوين بواسطة الماكنة الإعلامية للسلطة بل وأطلقت عليه وعلى من معه صفات (الخوارج والبربر) فضلاً عن وضع الأحاديث الكاذبة من قبل أئمة الضلال التابعين لسلطة يزيد بن معاوية لعنه الله ومن خَلَفَه من الطغاة بإستثناء البعض من بني أمية (معاوية بن يزيد، وعمر بن عبد العزيز) رحمهما الله، فقد دأبت المؤسسات الإعلامية والدينية للطواغيت على التأكيد بأن يوم عاشوراء (يوم إستشهاد الحسين وأهل بيته وأصحابه) هو ذكرى لأيام مباركة وآيات إلٰهية أنزلها الله لإثبات نبوءة بعض أنبيائه مثل (نجاة موسى عليه السلام من فرعون، نجاة إبراهيم من نار النمرود، ركوب نوح ومن معه في السفينة وغيرها) وهذه الأحاديث الموضوعة تبرر لهم أمام الرأي العام إعلانهم مظاهر الفرح والإحتفال في عاشوراء إنتصاراً على الخارجي البربري (الحسين) وتيمناً بالآيات الإلٰهية والمناسبات السعيدة آنفة الذكر ، ولكن بمقابل هذا المعسكر الطاغوتي الظالم يوجد معسكر آخر يعرف الحسين حق معرفته ويعرف أنه سبط رسول الله، يتوجب عليه أن يعلن الحداد ويخلد هذه الفاجعة الأليمة التي قطعت الطريق على الطواغيت للعب دور الإمامة للإمة وقيادتها وفرقت بين الحاكم الجائر وبين إمام الحق والإصلاح وجسدت حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً) بأن الحسين هو مثال حي لبقاء الخط المحمدي الأصيل الذي تحقق بإفاضات هذه الثورة المباركة.
والله أعلم