سبق أن كتبت في هذا الامر، وأكرره اليوم وسأعود اليه لاحقا، ما كان لي سبيل الى ذلك دائماً.
لماذا لا يكون للعراق صندوق سيادي للاستثمار في العالم؟
العوامل الان كفيلة بتوفير مليارات قليلة من الدولارات بسبب ارتفاع اسعار النفط، وهذا يوفر بداية بسيطة لولوج عالم جديد يمكن ان نحمي من خلاله أرصدة عملتنا الوطنية ونديم الموارد غير النفطية، ونستطيع دراسة تجارب جيراننا في هذا الاستثمار المستدام.
ما كان يجري في الحكومات المتعاقبة هو صرف ما يكون في الجيب يومياً وشهرياً مع الاستدانة، والحجج كثيرة، ليس أولها وآخرها الفساد الذي أغلبه كان من المنتجات السياسية المتداولة في البلد، ولكن أسعار النفط مرّت بفترات انخفاض في السنوات السابقة، وكان هناك مصروفات حربية أعلى من المعدل العادي في الحرب ضد تنظيم داعش، وما تسرب خلالها من مليارات وليس ملايين الى الجيوب تحت هذه “الحجة المقدسة»، فضلا عن استحقاقات ديون العراق ومنها التعويضات المليارية التي دفعت للكويت.
حال البلد هو مثل حال بقّال المحلة، له دخل محدود لا يوفر منه شيئاً ويصرفه يومياً، وأحياناً يوكل على الدكان شخصاً قريباً أو بعيداً، فـ(يهرب بالدخل) كله في لمح البصر.
إقامة صندوق سيادي ليس كلاماً عابراً، او انه من اختصاص حكومة دون سواها وانما هو جهد دولة وامانة بيد أربعين مليون عراقي، ولن يكون بيد مجموعة او وزارة او شخصية، ذلك انه مشروع لإدامة الحياة في العراق بعد زوال النفط، وهو ما تتحسب له جميع البلدان النفطية او ذات المداخيل الأحادية .
المسألة تحتاج الى تشريع يقرّه مجلس النواب، وتحتشد لدعمه كل الطاقات الوطنية ويتفاوض العراق كله مع العالم من اجل إنجازه على اتم صورة
. اعرف انّ هناك مَن يقول انه باب فساد جديد على اعتبار انّ كلّ شيء فاسد الى حد العظم في البلد، وانّ الأمل شبه معدوم في الإصلاح تحت مواضعات وتوافقات وتلفيات سياسية ووجاهية داخلية وخارجية كثيرة لا فكاك منها، لكن مشروع الصندوق السيادي للعراق أمر لابدّ ان يجد يوماً لتنفيذه، مهما كانت التحديات عظيمة، وباختصار انه مشروع بديل لأي برنامج حكومي فيه تفاصيل لا تستحق ان ندور حولها وفيها ذلك انها مستهلكة ومن دون ثمار.
مستقبل البلد في صندوق سيادي، ووجود اللصوص المتربصين تلك قضية أخرى لا يمكن أن يظل الأربعون مليون عراقي مع مستقبل أطفالهم رهن الفئة الضالة