ماهذا الذي يحصل ؟ ماهذا السخف والانحطاط المقزز الذي يجري ؟ وماهي ركائز ظاهرة بدأت تنمو وتتسع لتتحدى قوانين الدولة والحياة ؟ وما الذي اوصلنا الى حافة الهاوية التي يمكن لها ان تبتلع كل القيم والاعراف ؟ وهل اصبح الفسق والتنمر اتجاه لسلوك بدأ يخترق كل البنى الاجتماعية والخلقية ؟ اسئلة خضعت لها مشمئزا وأنا ابدأ كتابة مقالي هذا بعد أن انتابني شعور الهلع والاسى وأنا اتابع بدهشة واستياء حادثة اعتداء امرأتين على ضابط مرور كان يقوم بواجبه المسؤول عن تأديته وفي وسط الشارع وامام انظار الجميع ، ولا اريد ان ادخل في تفاصيل او حيثيات الحادث لانها باتت معروفة للجميع من خلال ماتم تداوله وعلى نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي ، لكنني اقول :
ان الذي حصل هو نتاج لتراكم وتنامي السوء والانحطاط طيلة العشرين سنة الماضية الذي تكون بفعل بروز طبقات منها اجتماعية ابطالها صناع الفساد والسرقات، ومنها سياسية ابطالها صناع الخديعة والجهل ، ولكل منهما اسبابه ودوافعه ، ولكن القاسم المشرك بينهما هو العوز وانعدام الجاه وسوء التربية للبعض منهم في ازمنتهم السابقة ، وبعد ان وصلوا الى ماهم عليه الان في المناصب والامتيازات ، كان من اولوياتهم في حياتهم الجديدة هو التعويض عما لم يتحقق لهم في الماضي ، ولعل اولى الاولويات هي البحث عن النساء ، لانها العقدة الازلية لمعظم الشرقيين ، وللاسف انساق البعض بهذا الاتجاه واعمته رغباته وشهواته عن رؤية الطريق الصحيح الذي يقوده الى الاهداف السامية في خدمة بلده وشعبه وينتصر للمظلوم ضد الظالم ويسند الحق لسحق الباطل ، وظل حبيسا لرغباته ورغبات نسائه وراح يغدق عليهن بالمال
والقصور والسيارات وجوازات سفر دبلوماسية ملبيا لهن كل الطلبات والرغبات ، ولأنهن من مستويات متدنية اجتماعيا وخلقيا ومنحطات فكريا وثقافيا وجدن انفسهن وسط حفنة من السراق التافهين وبعض رجال السياسة الاكثر تفاهة مما ولد لديهن شعورا واحساسا بأنهن سيدات مجتمع محميات ومحصنات ممن يدعون بأنهم ذوي نفوذ وسلطة في البلد الامر الذي عزز في دواخلهن سلوك التنمر والتعالي والعدوانية بطرق همجية ووحشية لاتليق بأنوثة ووداعة المرأة وعفتها ، وهذه هي نتيجة السلوك المنحرف للشواذ من السياسيين والفاسدين والذين استباحوا كل القيم والاعراف الاجتماعية والانسانية ، وقد انعكس هذا السلوك حتى على عوائل هؤلاء من قبل ابنائهم بل وحتى زوجاتهم واقاربهم ، فلا غرابة اذا عندما نرى البلد وهو يعج بهؤلاء الحثالات ان يسير خطوة الى الامام ويرجع عشرات الخطوات الى الوراء ، فذلك هو الشؤم ، وتلك هي الرذيلة التي دنست قيم العفة الاجتماعية والانسانية وانحدرت الاخلاق وضاع الشرف .وهنا لابد من الاشارة الايجابية لموقف وزارة الداخلية واجراءات وزيرها التي اعتبرت الحادث هو تعدي واساءة لرجل القانون واعتداء سافر لابد ان يطاله القانون حيث تم القاء القبض على المعتديات ، مع التأكيد على ضرورة استكمال التحقيق واحالتهن الى القضاء ، ولكن يبقى جواب السؤال غائبا حول موقف رئاسة البرلمان حول التصرف اللامسؤل الذي قام به احد النواب بالتدخل لتسوية الامر ( وطمطت ) القضية مستغلا منصبه وحصانته وتقديم نفسه كمسؤول في الدولة ، وهذا ما أثار حفيظة المواطنين معتبرين ذلك سلوك منحرف وتجاوز على الحق العام وحماية المعتدي . وتبقى المطالبة قائمة بضرورة محاسبة النائب برلمانيا وفق ضوابط السلوك النيابي بأعتباره ممثلا للشعب لا مسيئا له .وفي كل الذي حصل يمكن ان نفهم بأن ذلك هو المعنى الحقيقي لما أسموه بالعراق الجديد !!. مع تقديري وتقديسي واحترامي للعراقية العفيفة الشريفة التي حافظت على كل قيمتها واصولها وتأريخــــها ولها كل العزة والاجلال والسؤدد . والك الله ياعراق