من‭ ‬الوهم‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬الاعتقاد‭ ‬لدى‭ ‬سياسيين‭ ‬أصدقاء‭ ‬أو‭ ‬خصوم‭ ‬للتيار‭ ‬الصدري‭ ‬بأنّ‭ ‬قرار‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬أبدي،‭ ‬بل‭ ‬انّ‭ ‬من‭ ‬الوهم‭ ‬أن‭ ‬يقتنع‭ ‬التيار‭ ‬ذاته‭ ‬بأطروحة‭ ‬الاعتزال‭ ‬النهائي‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬عبر‭ ‬الانتخابات‭ ‬النيابية‭ ‬وانتخابات‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬والعضوية‭ ‬الوزارية‭ ‬في‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬تعاقبت‭ ‬على‭ ‬البلد‭.‬

أسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬الذهاب‭ ‬مع‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬انّ‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬قد‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬مجدداً،‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬المقبلة،‭ ‬أولها‭ ‬انّ‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬ليس‭ ‬حزباً‭ ‬مقنناً‭ ‬أو‭ ‬قابلاً‭ ‬للتقنين،‭ ‬وانما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالشارع‭ ‬وحركة‭ ‬الناس‭ ‬وهواجسهم،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تقديم‭ ‬الكثير‭ ‬لهم‭ ‬عبر‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬حكومات‭ ‬خارج‭ ‬قيادته‭ ‬وأصاب‭ ‬وزراءه‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬بالحكومات‭ ‬الماضية‭. ‬بيد‭ ‬انّ‭ ‬العراقيين‭ ‬كانوا‭ ‬موعودين‭ ‬بحزمة‭ ‬تغييرات‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تسلم‭ ‬التيار‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة،‭ ‬وانّ‭ ‬هذا‭ ‬الوعد‭ ‬واجه‭ ‬تغييرات‭ ‬دراماتيكية‭ ‬مفاجئة،‭ ‬لكن‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬وعداً‭ ‬مستقراً‭ ‬وحيّاً‭ ‬في‭ ‬ضمائر‭ ‬التيار،‭ ‬لن‭ ‬يموت‭ ‬أبداً‭.‬

كما‭ ‬انّ‭ ‬التيار‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬جناح‭ ‬عسكري‭ ‬مشارك‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬عمليات،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يديم‭ ‬صلاته‭ ‬مع‭ ‬الشارع‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الاذرع‭ ‬السياسية،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بوابة‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬أو‭ ‬سواها،‭ ‬فالكتل‭ ‬الجماهيرية‭ ‬الكبيرة‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬تصريف‭ ‬طاقاتها‭ ‬عبر‭ ‬واجهات‭ ‬تستوعبها‭ ‬وتجعلها‭ ‬مندمجة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانتماء،‭ ‬مادام‭ ‬التجاذب‭ ‬السياسي‭ ‬للقوى،‭ ‬واقصد‭ ‬الشيعية‭ ‬هنا،‭ ‬لايزال‭ ‬هو‭ ‬سيد‭ ‬الشارع‭.‬

لكن‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬هو،‭ ‬هل‭ ‬أفاد‭ ‬التيار‭ ‬الصدري‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬العزلة‭ ‬النسبية‭ ‬لمراجعة‭ ‬تجربته‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬اعتراها‭ ‬ما‭ ‬اعترى‭ ‬أطرافاً‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬ونواقص‭ ‬وخطايا،‭ ‬لاسيما‭ ‬انه‭ ‬سجّل‭ ‬سابقة‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬التزاحم‭ ‬لنيل‭ ‬السلطة‭ ‬بقرار‭ ‬الانسحاب،‭ ‬وهو‭ ‬قرار‭ ‬منحه‭ ‬ميزة‭ ‬يتفوق‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬سواه‭ ‬كون‭ ‬الانسحاب‭ ‬لم‭ ‬يهز‭ ‬بناءه‭ ‬التنظيمي‭ ‬الداخلي‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬موحداً‭ ‬وراء‭ ‬قيادة‭ ‬واحدة‭. ‬غير‭ ‬انّ‭ ‬المراجعة‭ ‬الجدية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تصحب‭ ‬اية‭ ‬عودة‭ ‬للتيار‭ ‬ليبدو‭ ‬صاحب‭ ‬مسار‭ ‬جديد‭ ‬ومقنع‭ ‬لملايين‭ ‬العراقيين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وهي‭ ‬مراجعة‭ ‬تقتضي‭ ‬الانفتاح‭ ‬الوطني‭ ‬خارج‭ ‬مسارات‭ ‬التيار،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الشعارات‭ ‬التي‭ ‬تبناها‭ ‬التيار‭ ‬عراقية‭ ‬وليست‭ ‬فئوية‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *