تقول القصة أن فارسا عراقياً مقاوماً للاحتلال البريطاني يُدعى حمدان، كان يقاتل بشراسة ويقتل من جيش الاحتلال الانكليزي الكثير وينكِّل بهم حيث ثَقِفَهُم، ويستولي على مخازن أسلحتهم والذخائر، وكان يهاجم قطارات تموينهم.
كان مع حمدان عشرة فرسان من الأتباع، من الرجال الغلاظ الأشداء والشجعان. وقد عجز الإنكليز عن النيل منهم او القبض عليهم رغم كثرة المكائد التي نصبوها لهم.
أرسل الإنكليز عملاءهم للاتصال به عدة مرات ولكنهم فشلوا.
وأخيرا ارسلوا الى فيكتوريا، ملكة بريطانيا آنذاك، يشرحون لها واقع حمدان وأتباعة وصعوبة مواجهته، وأنه أوقع بهم خسائر فادحة.
جاءهم الجواب من الملكة تأمر بأن يتم الاتصال بحمدان وتقديم الهدايا له من الملكة، وتتضمن الأموال والألبسة الفاخرة والذهب والفضة، بالإضافة إلى فرس كانت قد فازت بآخر سباق خيل في بريطانيا. وأمرت الملكة أن يُطلب من حمدان أن يمتطيها وينطلق إلى أبعد ما يستطيع في سهول بلاده، على أن يتوقف حيث يتعب جواده وتصبح جميع الاراضي التي اجتازها مُلكا له وتحت إمرته، مع كل ما عليها من بشر وأنعامٍ وأرزاق.
بعد الاتصالات والذهاب والإياب، وافق حمدان أن يلتقي وفد الملكة في مكانٍ اختاره هو في منطقة الديوانية، أحكم عليها العيون والحماية والحراسة المشددة، ثم نصب فيه خيمة كبيرة خصصها للقاء.
حضر وفد الملكة فكتوريا ومعهم الهدايا ويرافقهم شخصيات عراقية، وطرحوا عليه عرض الملكة.
ولكن حمدان فاجأ الجميع بأن امتطى جواده الخاص وطلب من رئيس الوفد الانكليزي مرافقته، وكان الأخير يتكلم العربية بطلاقة، وانطلقا معا وسط المزارع. وفجأة توقف حمدان وترَجَّلَ من على جواده ثم دنا من أذنه، وراح يهمس له ثم يقرب اذنه من فم الجواد ويهز برأسه متظاهراً أنه يسمع حديثه.
فسأله رئيس الوفد الإنكليزي:
– هل تتكلم جيادُكم؟
فردَّ حمدان قائلاً:
– نعم إنها تتكلم.
– وماذا قالت لك وقلتَ لها؟
فأجابه حمدان:
– لقد طرحتُ على جوادي عرض الملكة فأجابني:
*”ياحمدان إن الأرض أرضكم فكيف تسمح للأجنبي ان يمنحها لكم؟*
فانزعج رئيس الوفد الإنكليزي، وعاد سريعا مع هداياه ثم كتب الى الملكة:
*يا جلالة الملكة لقد أهاننا حمدان حيث يقول إن حيواناتنا لا تتقبل فكرة الملكة فكيف تريدوننا نحن البشر أن نتقبلها؟*
فأمرت الملكة بالإمساك به وإعدامه. ولكنهم عجزوا عن ذلك.
وعاش حمدان الى بداية سبعينات القرن الماضي،
فيما لم يذكره أحد في كتب تاريخنا المُزَوَّرة، بينما هو مذكور في الوثائق البريطانية !!
الأبطال لا يُوَثَّق تاريخُهم، أما العملاء والخونة فيتناوبون على المناصِبِ والكراسي ويتربعون على صفحات الكتب والصحف، بينما هم يطعنون الأمة في ظهرها، ثم يقال عنهم أبطال المرحلة.
عاشت العراق
عاش رجاله الأبطال
عاش لبنان ورجاله حماة الديار.
وعاش كل من استخلص العبرة من القصة.